Q ما صحة هذا الحديث: قال صلى الله عليه وسلم: (يا أيها الناس! إني قد تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا: كتاب الله وعترتي، وإن أحدهما أعظم من الآخر، كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي، ولن يفترقا حتى يردا علي الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما)؟
صلى الله عليه وسلم لا أعرف صحة الحديث، ولكن أهل البيت يعطون ما يستحقون من المودة ومن المحبة إذا كانوا مؤمنين؛ لقرابتهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولإيمانهم بالله عز وجل، والأصل هو الإيمان، فإذا إنضاف إلى الإيمان القرب من رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه يحصل المودة والموالاة من أجل اجتماع الأمرين: الإيمان -وهو الأساس الذي يكون به الحب والبغض- والقرابة من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيصير ذلك خيراً إلى خير، ويحب الإنسان لذلك.
فأهل البيت تعرف منزلتهم التي يستحقونها، وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم -وفي مقدمتهم أبو بكر وعمر - هم القدوة في ذلك في بيان قدر أهل البيت ومنزلة أهل البيت، فـ أبو بكر رضي الله تعالى عنه وأرضاه جاء عنه أثران في صحيح البخاري كل منهما يدل على منزلة أهل البيت وعظيم قدرهم وبيان عظيم منزلتهم، حيث قال رضي الله تعالى عنه كما في صحيح البخاري: (والله لقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إلي أن أصلهم من قرابتي) يعني: لأن أصل قرابة آل محمد عليه الصلاة والسلام أحب إلي من أن أصل قرابة آل أبي بكر.
والأثر الثاني يقول فيه: (ارقبوا محمداً صلى الله عليه وسلم في أهل بيته).
يعني: راعوا وصيته في أهل بيته.
وأما عمر رضي الله عنه فقد جاء عنه أثران أيضاً: أحدهما في صحيح البخاري، وذلك أنهم كانوا في حياة النبي صلى الله عليه وسلم إذا أجدبوا جاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وطلبوا منه أن يستسقي لهم، ولما توفي رسول الله عليه الصلاة والسلام وحصل للناس الجدب والقحط طلب عمر رضي الله عنه من العباس أن يستسقي، واختاره وقدمه على غيره لقرابته من رسول الله عليه الصلاة والسلام، ولهذا قال كما في صحيح البخاري: (اللهم إنا كنا إذا أجدبنا توسلنا إليك بنبينا فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا، قم -يا عباس - فادع الله) فذكر القرابة والصلة فقال: (بعم نبينا) يعني أن هذا هو وجه الاختيار، وعمر رضي الله عنه أفضل من العباس، وعدد من الصحابة أفضل من العباس، ولكنه اختاره لقربه من رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهذا يوضح معرفتهم قدر أهل البيت وتعظيم منزلتهم.
وأيضاً جاء عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال للعباس: (إن إسلامك يوم أسلمت أحب إلي من إسلام الخطاب لو أسلم) والخطاب هو أبوه، ولكن لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان حريصاً على إسلامه أحب عمر إسلامه.
فهذا كلام سيدي هذه الأمة وخير هذه الأمة أبي بكر وعمر في حق آل البيت وفي بيان عظيم منزلتهم ومقدارهم عند الله عز وجل، فإذا صح الحديث فإن المقصود من ذلك هو معرفة قدرهم ومنزلتهم، وهذا الذي أشار إليه أبو بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما في هذه الآثار.
وهذا لا يكون إلا للصالح، أما الطالح الذي هو فاسد وهو من أهل البيت فالأمر كما قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: (ومن بطأ به عمله لم يسرع به نسبه)، ويقول الشاعر: لعمرك ما الإنسان إلا بدينه فلا تترك التقوى اتكالاً على النسب فقد رفع الإسلام سلمان فارس وقد وضع الشرك النسيب أبا لهب فـ أبو لهب عم الرسول صلى الله عليه وسلم، ونسبه شريف؛ لأن نسبه هو نسب الرسول صلى الله عليه وسلم، ولكن الشرك هو الذي وضعه، وسلمان الفارسي من الفرس، والإسلام هو الذي رفعه.