قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا أبو أسامة عن عوف عن زياد بن مخراق عن أبي كنانة عن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (ابن أخت القوم منهم)].
أورد أبو داود حديث أبي موسى الأشعري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ابن أخت القوم منهم) يعني: أن ابن أخت القوم من القوم، وذلك باعتبار أنه يمكن أن يطلع على أسرار القوم، وأيضاً باعتبار الصلة والقرابة من جهة الأم، وإن كان ينتسب إلى قبيلة أخرى، ولكنه من جهة أنهم أخواله وأن أمه من أولئك القوم فإنه يكون منهم.
وقد جاء ذلك في هذا الحديث وفي غيره عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما جاء في حديث الأنصار يوم حنين لما قالوا: (إن سيوفنا تقطر من دمائهم والأموال تعطى لهم، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فجمع الأنصار في خيمة أو في مكان، وقال: بلغني عنكم كذا وكذا، ثم قال: هل فيكم أحد غيركم؟ قالوا: فينا غلام وهو ابن أختنا، قال: ابن أخت القوم منهم) وتحدث معهم وتكلم معهم بالكلام الذي طيب به نفوسهم، وصار أحسن لهم من الإبل ومن الغنم التي كانت تعطى للمؤلفة قلوبهم، فكان مما أجابهم به أن قال: (الأنصار شعار والناس دثار، لو سلك الأنصار وادياً وسلك غيرهم وادياً لسلكت وادي الأنصار وشعبها) وقال فيهم كلمات عظيمة طابت بها نفوسهم وفرحوا بها، وصارت أحسن عندهم من تلك الأشياء التي تكلم فيها بعضهم وتأثر بسببها بعضهم؛ لكون غيرهم أعطي وهم لم يعطوا من تلك الغنائم.
ووجه إيراد الحديث في باب العصبية أنه أشار إلى أن من القرابة أن ابن أخت القوم يكون منهم، فيمكن أن تفشى إليه الأسرار ولما يكون من صلة الرحم التي تكون بينه وبين أخواله.