قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في العصبية.
حدثنا النفيلي حدثنا زهير حدثنا سماك بن حرب عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن أبيه رضي الله عنه قال: (من نصر قومه على غير الحق فهو كالبعير الذي ردي فهو ينزع بذنبه).
حدثنا ابن بشار حدثنا أبو عامر حدثنا سفيان عن سماك بن حرب عن عبد الرحمن بن عبد الله عن أبيه رضي الله عنه قال: (انتهيت إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهو في قبة من أدم فذكر نحوه)].
أورد أبو داود [باباً في العصيبة].
والعصبية: هي الانتصار للقرابة، وقيل: إن العصبية مأخوذة من العصبة الذين هم قرابة الإنسان الذين يرثون بدون تقدير؛ لأن الوارثين منهم من يرث بالفرض ومنهم من يرث بالتعصيب.
فإذاً: الانتصار يكون من أجل القرابة وليس من أجل أنهم مستحقون أو لكونهم مظلومين، وإنما من أجل القرابة، فتجده يكون معهم على الخير والشر وينتصر لهم دائماً وأبداً سواء كانوا ظالمين أو مظلومين، فهو لا ينتصر للحق ولا ينتصر للمظلوم، وإنما ينتصر للقرابة.
أورد أبو داود حديث ابن مسعود وقد جاء من طريقين: الأولى موقوفة، والثانية مرفوعة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الطريق الأولى: قال ابن مسعود: (من نصر قومه على غير الحق) يعني: أن النصر بالحق أمر سائغ، بأن ينصر قومه وغير قومه بالحق، وإذا كان قومه مظلومين ينتصر لهم، وإذا كانوا ظالمين منعهم من الظلم، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً، قال: أنصره مظلوماً فكيف أنصره ظالماً؟ قال: تمنعه من الظلم).
قوله: [(فهو كالبعير الذي ردي)] أي: تردى في بئر أو في حفرة، وصارت رقبته في الأسفل وذنبه في الأعلى.
قوله: [(فهو ينزع بذنبه)] يعني: فهو يخرج بذنبه، ومعنى ذلك أنه ينصر قومه وهم على باطل، مثل البعير الذي تردى في بئر، فهو لا يتمكن من استخراجه من مقدمه، وذلك لأن المكان الذي تردى فيه ضيق، وليس أمامهم إلا ذنبه، فإنهم ينزعونه به.
وورد الحديث من طريق أخرى مرفوعاً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيه: (انتهيت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو في قبة من أدم) يعني: وهو جالس في قبة من جلد أو خيمة من جلد.