قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في الصبي يؤذن في أذنيه.
حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن سفيان حدثني عاصم بن عبد الله عن عبيد الله بن أبي رافع عن أبيه رضي الله عنه قال: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أذن في أذن الحسن بن علي رضي الله عنهما حين ولدته فاطمة رضي الله عنها بالصلاة)].
أورد أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: [باباً في الصبي يؤذن في أذنيه].
هذه الترجمة معقودة لبيان حكم الأذان في أذن الصبي عند ولادته؛ ليكون أول ما يقرع سمعه ذكر الله عز وجل، فيكون في ذلك منع وحصانة له من الشيطان.
أورد أبو داود حديث أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: (رأيت النبي عليه الصلاة والسلام أذن في أذن الحسن بن علي رضي الله تعالى عنهما حين ولد بالصلاة) أي: بأذان الصلاة من بدايته إلى نهايته؛ ليكون أول ما يقرع سمعه ذكر الله عز وجل.
هذا هو الحديث الذي أورده أبو داود رحمه الله للاستدلال به على الأذان في أذن الصبي، وقد ذكره جماعة من العلماء للاستدلال به على ذلك، ومنهم ابن القيم في كتابه (تحفة المودود في أحكام المولود)، والشيخ ناصر حسنه في بعض كتبه، وأخيراً رجع عن ذلك، ففي إسناده رجل ضعيف وهو عاصم بن عبيد الله، وقد ذكر أن في شعب الإيمان للبيهقي حديثاً عن الحسن يتعلق بالأذان وقد قيل: إنه شاهد لهذا، والشيخ ناصر قال: إنه بعدما طبع الكتاب رأى إسناده وإذا في إسناده رجل وضاع ومتروك، وكان قبل ذلك يظن أنه شاهد لحديث أبي رافع الموجود معنا، وعلى هذا فلا يصلح أن يكون شاهداً ما دام أن فيه كذاباً ومتروكاً، فيبقى الحديث بدون شاهد.
وإذا لم يكن في الموضوع أو في الباب إلا هذا الحديث الذي في إسناده هذا الرجل الضعيف الذي هو عاصم بن عبيد الله؛ فإنه لا يكون هناك شيء يصلح للاحتجاج به في هذا الموضوع، إلا إذا كان هناك أحاديث أخرى تشهد له فيمكن ذلك، وأما إذا كان التعويل على هذا الحديث وعلى الحديث الآخر الذي عند البيهقي الذي فيه الوضاع والمتروك، فإنه لا يكون الأذان في أذن الصبي ثابتاً؛ لأن هذا الحديث فيه رجل ضعيف، وذاك الحديث فيه متروك وفيه وضاع، فلا يشهد أحدهما للآخر ولا يثبت الحكم بهذا الحديث.
وعلى هذا فيعتبر الحديث غير صحيح ما دام بهذا الإسناد.