أما عن ترتيب الربوبية ثم الملك ثم الإلهية في سورة الناس فكما هو معلوم أن الله تعالى هو الذي خلق وملك وهو مالك لكل ما خلق، وهو الذي يجب أن يعبد؛ ومعلوم أن العبادة تأتي بعد الخلق والملك، والله عز وجل هو المالك لكل شيء وهو الخالق لكل شيء، فيطلب من العباد أن يخصوه بالعبادة، ولعلّ هذا الترتيب؛ لأن الله تعالى خالق مالك فهو خالق الخلق ومالكه، لا يكون خالقاً ثم يكون غير مالك، بل هو خالق مالك، ومن خلق فهو المالك لما يخلقه، وهؤلاء المكلفون من المخلوقين مأمورون بأن يفردوا الله عز وجل ويخصوه بالعبادة سبحانه وتعالى.
ثم إن الربوبية والملك مستلزمان للألوهية، فمن حصل منه الإقرار بهما لزمه أن يقر بها؛ لأنه لا يعقل أن يكون هو الخالق وحده وهو الملك وحده المتصرف بالكون وحده، الذي أوجدهم من العدم، ثم يصرف لهم شيئاً من العبادة؟! وكيف يليق بالإنسان أن يعبد مخلوقاً مثله، بل المعبود هو الخالق الذي خلق الخلق وأوجدهم من العدم ورباهم بالنعم، فهو الذي يجب أن يفرد بالعبادة.