شرح حديث (أن رسول الله كان يقول إذا أخذ مضجعه: الحمد لله الذي كفاني وآواني)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا علي بن مسلم حدثنا عبد الصمد حدثني أبي حدثنا حسين عن ابن بريدة عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه حدثه: (أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يقول إذا أخذ مضجعه: الحمد لله الذي كفاني وآواني وأطعمني وسقاني، والذي منّ عليّ فأفضل، والذي أعطاني فأجزل، الحمد لله على كل حال، اللهم رب كل شيء ومليكه وإله كل شيء، أعوذ بك من النار)].

أورد الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى حديث عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أخذ مضجعه من النوم، قال: (الحمد لله الذي كفاني وآواني وأطعمني وسقاني) يعني: أنه كفاه الشرور وكفاه ما يخاف ويحذر.

وآواه يعني: رزقه المسكن، ومكنه من حصول السكن الذي يستكن به، وأطعمه وسقاه، وهذه الأمور الأربعة سبق أن مرت: (الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا وكفانا وآوانا).

قوله: [(والذي منّ علي فأفضل)].

يعني: من عليه وتفضل عليه بالعطاء، فحصل منه المن والتفضل.

قوله: [(والذي أعطاني فأجزل)].

يعني: أعطاه وأكثر له من العطاء.

قوله: [(الحمد لله على كل حال)].

يعني: الله تعالى هو المحمود سبحانه وتعالى في جميع الأحوال، سواء كان الحال حسناً أو كان غير حسن؛ لأن الله تعالى هو المقدر لكل شيء وهو الذي بيده ملكوت كل شيء، فهو سبحانه الذي يحمد على كل حال بدون استثناء حال من الأحوال، بخلاف غيره فإنما يحمد ويمدح ويثنى عليه إذا حصل منه ما يقتضي ذلك محبوب ومما هو مرغوب.

وهذا يدل على أن هذا الدعاء يؤتى به في المكروهات وغير المكروهات، ولا يقال إنه خاص بالأمور المكروهة.

قوله: [(اللهم رب كل شيء ومليكه، وإله كل شيء)].

فالله عز وجل هو الرب وهو المليك الذي بيده ملكوت كل شيء، المتصرف في كل شيء، المربي خلقه بالنعم الموجد لهم من العدم، وهو إلههم وإله كل شيء.

ففيه الإقرار بربوبية الله عز وجل وألوهيته، أي بكونه رب الناس وخالق الناس، والمتصرف في الخلق كيف يشاء، وكونه الذي يعبد ويخص بالعبادة ولا يُشْرك معه أحد فيها، فكما أنه لا رب سواه وهو الإله الذي لا إله بحق سواه، فلا تصرف العبادة إلا له، ولا يجوز أن يصرف شيء من العبادة لغير الله؛ لأن المتفرد بالخلق والإيجاد هو الذي يجب أن يفرد بالعبادة سبحانه وتعالى؛ ولهذا يقول العلماء: إن توحيد الربوبية مستلزم لتوحيد الألوهية، يعني: من أقر بأن الله تعالى هو الخالق وحده، الرازق وحده، المحيي وحده، الذي ليس له شريك في الخلق والإيجاد، فيجب أن يفرد بالعبادة وحده، كما أنه واحد في أفعاله كالخلق والرزق والإحياء والإماتة والتدبير، فهو أيضاً الواحد في ألوهيته، ويكون معبوداً وحده فيها، فلا يعبد مع الله سواه، ولا يصرف من أنواع العبادة شيء لغير الله، فلا بد من هذا ومن هذا.

قوله: [(أعوذ بك من النار)].

بعد أن أثنى على الله عز وجل بذلك الثناء، وهو من الوسائل التي يؤتى بها بين يدي الدعاء؛ طلب منه ما يحتاج، فهنا بعد هذا الثناء استعاذ بالله من النار.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015