حكم الرضاء بالفقر وعدم سؤال الله الغنى

أما بالنسبة لمن يقول: هل الأفضل الرضا بالقضاء والرضا بالفقر لمن يقدر على الصبر عليه، أم الأفضل سؤال الله الغنى مطلقاً، أم الأمر فيه تفصيل؟ فأقول: الإنسان يسأل الله عز وجل مثل ما جاء في الحديث أنه لا يكون فقيراً؛ لأن الفقر يجعله يحتاج إلى غيره، ويجعله ينشغل، ولكن كونه يصير عنده الكفاف الذي ليس فيه غنى يطغيه، ولا فقر يشغله، وإنما يكون كفافاً مثل ما كان يعيش المصطفى صلى الله عليه وسلم.

والغنى إذا طرأ على الإنسان وأنفق في سبيل الله فهذا ثوابه عظيم عند الله عز وجل؛ ولهذا كان الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم فيهم أثرياء؛ ولكن كانوا يبذلون في سبيل الله، ويحصلون ما يحصلون؛ ولهذا جاء فقراء المهاجرين وقالوا: (ذهب أهل الدثور بالأجور والنعيم المقيم، يصلون كما نصلي ويصومون كما نصوم ويتصدقون بفضول أموالهم) فالمال إذا وجد وصرف في طاعة الله عز وجل وطاعة رسوله عليه الصلاة والسلام، فأجره عظيم عند الله عز وجل؛ ولكن كونه يصير بيد الإنسان ويشغله عن الخير ويمسك عليه، فهذا فيه ضرر عليه، وفي نفس الوقت تعب له ونصب؛ لأنه دائماً مشغول به، تراه يحرص على أن يضيف إليه، وقد جاء في الحديث الصحيح: (لو يعطى ابن آدم وادياً من ذهب لطلب ثانياً، ولو أعطي ثانياً لطلب ثالثاً، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015