شرح حديث البراء (إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا مسدد حدثنا المعتمر سمعت منصوراً يحدث عن سعد بن عبيدة قال: حدثني البراء بن عازب رضي الله عنهما قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله سلم: (إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة، ثم اضطجع على شقك الأيمن وقل: اللهم أسلمت وجهي إليك وفوضت أمري إليك وألجأت ظهري إليك، رهبة ورغبة إليك، لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك، آمنت بكتابك الذي أنزلت وبنبيك الذي أرسلت، قال: فإن مت مت على الفطرة، واجعلهن آخر ما تقول، قال البراء: فقلت: أستذكرهن، فقلت: وبرسولك الذي أرسلت، قال: لا، وبنبيك الذين أرسلت)].

أورد أبو داود حديث البراء بن عازب رضي الله تعالى عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: (إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة ثم اضطجع على شقك الأيمن) وهذا دليل واضح على أن الإنسان يضطجع على شقه الأيمن عند نومه، وأن يكون على وضوء، حيث أمره بأن يتوضأ الوضوء الذي هو للصلاة.

قوله: [(اللهم أسلمت وجهي إليك وفوضت أمري إليك وألجأت ظهري إليك رهبة ورغبة إليك، لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك، آمنت بكتابك الذي أنزلت وبنبيك الذي أرسلت، قال البراء: فقلت: أستذكرهن)] يعني: أعاد الكلام والنبي صلى الله عليه وسلم يسمعه يريد أن يتأكد من حفظه وأتى بقوله: (وبرسولك الذي أرسلت) فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا، وبنبيك الذين أرسلت).

قوله: [(فإن مت مت على الفطرة واجعلهن آخر ما تقول)] أي: أن هذا آخر ذكر يقال عند النوم.

قوله في أول الحديث: [(اللهم أسلمت وجهي إليك)] يعني: استسلمت لأمرك ونهيك، وانقدت لما جاء به شرعك، فأصدق الأخبار وأنفذ الأوامر وأجتنب النواهي.

قوله: [(وفوضت أمري إليك)] يعني: أني اعتمدت عليك وتوكلت عليك.

قوله: [(وألجأت ظهري إليك)] يعني: اعتمدت عليك واستندت إليك وليس إلى غيرك.

قوله: [(رهبة ورغبة إليك)] يعني: رغبة فيما عندك من خير، ورهبة مما عندك من العقوبة.

قوله: [(لا ملجأ ولا منجى إلا إليك) أي: لا مفر من الله إلا إليه، وأن الإنسان لا يسلم مما هو ضار إلا بالتعويل على الله عز وجل الذي منه الضر والنفع، والذي هو خالق كل شيء وبيده كل شيء سبحانه وتعالى، وهذا كما جاء في الحديث: (اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك وبعفوك من عقوبتك وبك منك لا أحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك).

ثم إن البراء رضي الله عنه قال: (فقلت: أستذكرهن) يريد أن يحفظها وأن يتأكد من حفظه لها والنبي صلى الله عليه وسلم يسمعه وكان أن عبر بقوله: (وبرسولك الذي أرسلت) بدل: (وبنبيك الذي أرسلت) قال: (لا، وبنبيك الذي أرسلت) والمعنى واحد، ولكن من أحسن ما قيل في معناه ما قاله الحافظ ابن حجر: إن الأذكار يتمسك بها ولا يبدل لفظ منها بآخر، وإنما يحافظ على ألفاظها ويتمسك بها ولا يعدل عنها إلى ألفاظ أخرى، وإلا فإن إرسال النبي وإرسال الرسول جاء في القرآن، قال تعالى: {وَكَمْ أَرْسَلْنَا مِنْ نَبِيٍّ فِي الأَوَّلِينَ} [الزخرف:6]، وقال عز وجل: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ} [إبراهيم:4].

طور بواسطة نورين ميديا © 2015