قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا مسدد وسليمان بن داود قالا: حدثنا حماد حدثنا أيوب عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (من صور صورة عذبه الله بها يوم القيامة حتى ينفخ فيها وليس بنافخ، ومن تحلم كلف أن يعقد شعيرة، ومن استمع إلى حديث قوم يفرون به منه صب في أذنه الآنك يوم القيامة)].
أورد أبو داود حديث عبد الله بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من صور صورة عذبه الله بها يوم القيامة حتى ينفخ فيها وليس بنافخ)، يعني: أنه لما صور صورة في الدنيا وقد منع من ذلك وحرم عليه ذلك، فإنه يعاقب يوم القيامة بأن يكلف بأن ينفخ فيها الروح وليس بنافخ، ولا يقدر على النفخ، وليس بإمكانه أن ينفخ الروح فيها، وهذا تحذير من التصوير وترهيب منه.
قوله: [(ومن تحلم)] وهذا هو محل الشاهد من إيراده للحديث في باب الرؤيا.
فقوله: [(ومن تحلم كلف أن يعقد شعيرة)].
يعني: من زعم أنه رأى في منامه رؤيا وهو كاذب فيها، فإنه يكلف بين أن يعقد شعيرة، والشعيرة هي حبة الشعير، فإنه لا يمكن أن يعقد طرفيها وأن يجمع بين طرفيها.
ومعنى ذلك: أنه يكلف بأمر لا يطيقه ويعذب عذاباً على هذا الفعل الذي فعله، وهو أنه أرى عينيه ما لم تريا، وأنه كذب في رؤياه وأخبر بأنه رأى ما لم ير.
قوله: [(ومن استمع إلى حديث قوم يفرون به منه)].
يعني: هم لا يريدون أن يسمع كلامهم وحديثهم، فهم يفرون بالحديث عنه بحيث لا يسمعه، وهو مع ذلك يحاول أن يسمعه.
قوله: [(صب في أذنه الآنك يوم القيامة)] والآنك: هو الرصاص المذاب، وهذه عقوبة له؛ لأنه لما استمع سماعاً لا يجوز له، فيصب في أذنيه الآنك، كما أنه سعى إلى أن يدخل في أذنيه هذا الذي فر أهل ذلك الكلام منه حتى لا يسمعه، ولكنه تتبع ذلك من أجل أن يصل إليه، فإنه يعاقب بهذه العقوبة، والجزاء من جنس العمل.