قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن كثير أخبرنا شعبة عن قتادة عن أنس رضي الله عنه عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: (رؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة)].
أورد أبو داود حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [(رؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة)] وفسر هذا بتفسيرات منها: أن النبوة مدتها ثلاث وعشرون سنة، من حين بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعمره أربعون سنة وحتى أكمل ثلاثاً وستين سنة ثم توفاه الله عز وجل، وكان ثلاث عشرة سنة منها في مكة وعشر سنوات في المدينة.
وقد قيل في تفسير ذلك: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان قبل أن يبعث يرى الرؤيا الصالحة، فتأتي مثل فلق الصبح واضحة جلية، ورؤيا الأنبياء وحي، فقيل: إن ستة أشهر كان يرى فيها الرؤيا الصالحة، ومعلوم أن ستة أشهر هي نصف سنة، وهي جزء من ستة وأربعين جزءاً من ثلاث وعشرين سنة؛ لأن ثلاثاً وعشرين سنة تعتبر ستة وأربعين نصف سنة، ومن المعلوم أن رؤيا المؤمن إنما تدل على ما تدل عليه مما يأتي عن طريق النبوة، فمن يرى رؤيا فهي من المبشرات وكانت رؤيا مؤمن، فإن فيها معرفة شيء من علم الغيب، ومن الأمور المستقبلة، ولكن عن طريق الرؤيا التي تشبه ما كان يحصل للنبي صلى الله عليه وسلم في منامه، إلا أن رؤيا الأنبياء وحي، ورؤيا غير الأنبياء ليست بوحي.
وقد يرى المؤمن في منامه رؤيا ثم يقع هذا الذي رآه طبقاً لما رآه في المستقبل، فيكون معناه أنه حصل على معرفة شيء مما هو مغيب في المستقبل، وعرف عن طريق الرؤيا.