قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا أحمد بن محمد المروزي حدثنا علي بن حسين عن أبيه عن يزيد النحوي عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: {وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ} [الشعراء:224] فنسخ من ذلك واستثنى فقال: {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا} [الشعراء:227]] أورد أبو داود أثر ابن عباس قال: [{وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ} [الشعراء:224] فنسخ من ذلك واستثنى فقال: {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا} [الشعراء:227]] فاللفظ الأول عام، وهم الشعراء الذين يتبعهم الغاوون الذين وصفهم الله، فالذين استثناهم الله عز وجل من اللفظ العام بقوله: {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا} [الشعراء:227] ليسوا من الشعراء الذين يتبعهم الغاوون، وإنما الذين يتبعهم الغاوون هم الذين ليسوا موصوفين بهذه الأوصاف التي جاءت في هذا الاستثناء.
قوله: [فنسخ من ذلك واستثنى] أي: نسخ بعض ما يدل عليه العموم؛ لأن النسخ هو رفع الحكم الشرعي بحكم شرعي آخر متراخ عنه، وهذا نسخ الحكم جملة، وأما الاستثناء فيقال له: تخصيص؛ لأنه استثنى بعض أفراد العام، وأطلق عليه نسخ؛ لأنه في الجملة رفع للشيء وإن لم يكن الرفع فيه كلياً، وإنما هو رفع للبعض؛ ولأن اللفظ العام قوله: {وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ} [الشعراء:224] يشمل كل شاعر، فلما استثني منه هؤلاء الذين اتصفوا بالإيمان والعمل الصالح وذكر الله، صار الحكم العام باقياً في حق غير هؤلاء المستثنين.