قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب ما جاء في المزاح حدثنا وهب بن بقية أخبرنا خالد عن حميد عن أنس رضي الله عنه: (أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، احملني، قال النبي صلى الله عليه وسلم: إنا حاملوك على ولد ناقة، قال: وما أصنع بولد الناقة؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: وهل تلد الإبل إلا النوق؟!)].
أورد أبو داود [باب ما جاء في المزاح] والمزاح هو كون الإنسان يأتي بشيء يكون فيه مازحاً، والرسول صلى الله عليه وسلم كان يمزح، ولكن كان لا يقول في مزحه إلا حقاً، ففيه مداعبة وفيه مزح، ولكن مزحه يكون حقاً ليس فيه شيء يخالف الحق، أو شيء ليس بصحيح، بل هو صحيح.
أورد أبو داود رحمه الله حديث أنس بن مالك رضي الله عنه: (أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله احملني)] يعني: يريد منه أن يحمله على بعير.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنا حاملوك على ولد ناقة)] فهو فهم أن ولد الناقة صغير لا يحمل عليه ولا يركب عليه، فقال: [(وما أصنع بولد الناقة؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: وهل تلد الإبل إلا النوق؟!)] يعني: أن كل الإبل هي من ولد الناقة، فهذا مزاح وتورية؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أراد العموم، وهذا فهم شيئاً خاصاً وهو الصغير الذي لا يستطيع أن يحمل.
فهذا من مزحه صلى الله عليه وسلم ومداعبته لأصحابه.
ومنه المرأة التي قال لها الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا يدخل الجنة عجوز، فبكت فقال لها: إن النساء إذا دخلن الجنة يعدن أبكاراً) أي لا يدخلن الجنة وهن عجائز، بل يدخلن الجنة وهن شابات، فهي فهمت أن العجوز في الدنيا لا تدخل الجنة، والرسول صلى الله عليه وسلم أراد بذلك أنها لا تدخل المرأة الكبيرة الجنة وهي كبيرة عجوز، وإنما تدخل وهي شابة كما قال الله عز وجل: {إِنَّا أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَاءً * فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا * عُرُبًا أَتْرَابًا} [الواقعة:35 - 37].