قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في العدة.
حدثنا محمد بن المثنى حدثنا أبو عامر حدثنا إبراهيم بن طهمان عن علي بن عبد الأعلى عن أبي النعمان عن أبي وقاص عن زيد بن أرقم رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا وعد الرجل أخاه ومن نيته أن يفي له، فلم يف ولم يجئ للميعاد، فلا إثم عليه)].
يقول المصنف رحمه الله تعالى: [باب في العدة] والعدة: هي مصدر وعد يعد عدةً، أي: أنه حصل منه وعد فعليه أن ينجز ما وعد، والوعد إما أن يكون الإنسان عند وعده لا يريد أن يفي بما وعد، فهذا من قبيل الكذب، وهو مذموم؛ لأنه وعد وهو لا يريد الوفاء بالوعد، وإنما أراد الكذب في الوعد.
وقد مر قريباً حديث المرأة التي قالت عند الرسول صلى الله عليه وسلم لصبيها (تعال أعطك، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم وماذا تعطيه؟ قالت: تمراً، قال: أما إنك لو لم تعطيه لكتبت عليك كذبة).
أما إذا كان الإنسان عند وعده يريد أن يفي به، ولكنه ما حصل له الوفاء إما لعجز أو لعدم قدرة، أو لوجود شيء ما شغله عن الوفاء بالوعد فهذا لا إثم عليه، ولكن عليه أن يعتذر ممن وعده ولم يف بوعده.
أورد أبو داود حديث زيد بن أرقم رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [(إذا وعد الرجل أخاه ومن نيته أن يفي له، فلم يف ولم يجئ للميعاد فلا إثم عليه)].
أي: إذا تواعد الإنسان مع شخص على أن يلتقي به من أجل اتفاق بينهما في مكان معين فلم يستطع الذهاب فلا شيء عليه.
والحديث فيه رجلان مجهولان، وهو ضعيف غير ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن الإنسان عليه أن يفي بوعده إذا وعد، وألا يتخلف عن إنجاز الوعد إلا لأمر يقتضي ذلك، وإلا فإن إخلاف الوعد من صفات المنافقين التي قال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان، وإذا خاصم فجر، وإذا عاهد غدر).