قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا حيوة بن شريح الحمصي حدثنا ابن عياش عن يحيى بن أبي عمرو السيباني عن عبد الله بن الديلمي عن عبد الله بن مسعود قال: (قدم وفد الجن على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا محمد! انه أمتك أن يستنجوا بعظم أو روثة أو حممة؛ فإن الله تعالى جعل لنا فيها رزقاً، قال: فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك)].
أورد أبو داود رحمه الله حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، أن وفد الجن جاءوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وطلبوا منه أن ينهى أمته عن أن يستنجوا بعظم أو روثة أو حممة، والعظم والروث سبق أن تكلمنا عليهما، والحممة قيل: إنها العظام التي أحرقت أو الأخشاب التي قد أحرقت، ولكن الذي يناسب ما جاء في قصة الجن هو العظام، وأيضاً إذا كانت قد أحرقت فبالإضافة إلى أن فيها إفساداً لطعام الجن، فكذلك لا يحصل المقصود منها إذا استنجى بها؛ وذلك لاحتراقها ولتفتتها، فلا يمكن الاستفادة منها في هذا المجال الذي هو الاستنجاء وقطع الخارج.
وفي هذا دليل على أن التعليل للنهي عن الاستنجاء بالروث والعظام أنه طعام الجن، وقد جاء في بعض الأحاديث: أن الله يجعل على العظم شيئاً من اللحم يستفيد منه الجن، ويجعل على الروث شيئاً تستفيد منه دواب الجن.
قوله: [(انه أمتك)] المقصود: انه الإنس؛ وإلا فإن الجن من أمته صلى الله عليه وسلم؛ لأنه مبعوث إلى الثقلين الجن والإنس، فالمراد: أمتك الذين هم من جنسك، أي: من البشر.