قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في صلاة العتمة.
حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا سفيان عن ابن أبي لبيد عن أبي سلمة قال: سمعت ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (لا تغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم، ألا وإنها العشاء، ولكنهم يعتمون بالإبل)].
أورد أبو داود رحمه الله تعالى باباً في صلاة العتمة.
العتمة هي صلاة العشاء، والمقصود من ذلك أن الذي ينبغي أن يذكر في اسم هذه الصلاة أن يقال: صلاة العشاء، كما جاء ذلك في القرآن، قال عز وجل: {وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشَاءِ ثَلاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ} [النور:58] فسماها الله عز وجل صلاة العشاء، والأعراب كانوا يطلقون عليها العتمة، وكانوا يؤخرونها؛ لأنهم يعتمون بالإبل حتى يؤخروا الصلاة بسبب ذلك، فكانوا يسمونها العتمة.
والمقصود من النهي ألا يهجر اسم العشاء حتى يغلب الاسم الذي يطلقه الأعراب على اسم العشاء الذي جاء في القرآن، وإذا ذكر في بعض الأحيان العشاء وأطلق عليها العتمة، فذلك سائغ؛ لأنه جاء في بعض الأحاديث الصحيحة إطلاق لفظ العتمة على العشاء، كما قال: (لو يعلم الناس ما في الفجر والعتمة) يعني صلاة الفجر وصلاة العشاء، فالمقصود من ذلك ألا يهجر اسم العشاء ويغلب عليه ذلك الاسم الذي هو العتمة؛ ولهذا قال: [(لا تغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم، ألا وإنها العشاء، ولكنهم يعتمون بالإبل)] أي: يشتغلون بالإبل ويؤخرون صلاة العشاء بسبب ذلك، ولهذا يقولون لها: العتمة؛ لأنها مأخوذة من الإعتام، وهو شدة الظلام.
إذاً: فالمقصود من ذلك هو المحافظة على الآداب في الألفاظ، وأنه يعبر عن الصلاة الثانية من صلاة الليل بصلاة العشاء كما جاء في القرآن، ولا يعبر عنها بالعتمة بأن يغلب ذلك، وإذا حصل أن قيل لها: العتمة في بعض الأحيان فإنه لا بأس بذلك؛ لأنه ثبت ذلك في بعض الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.