Q بالنسبة للتسمي بأسماء الأنبياء، روى مسلم في صحيحه عن المغيرة بن شعبة قال: لما قدمت نجران سألوني فقالوا: إنكم تقرءون: {يَا أُخْتَ هَارُونَ} [مريم:28] وموسى قبل عيسى بكذا وكذا، فلما قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم سألته فقال: (إنهم كانوا يسمون بأنبيائهم والصالحين قبلهم)؟
صلى الله عليه وسلم هذا في حق من قبلنا؛ لأنه لما ذكر (يا أخت هارون) مع أن هارون هو أخو موسى، وبين عيسى وموسى مدد طويلة، فالرسول صلى الله عليه وسلم قال: إن هارون هذا هو أخ لمريم، وليس هو أخا موسى وإنما هذا واحد ممن سموهم بأسماء الأنبياء؛ لأنهم كانوا يسمون بأسماء الأنبياء، ومعلوم أن الرسول صلى الله عليه وسلم سمى ابنه إبراهيم باسم أبيه إبراهيم حيث قال عليه الصلاة والسلام: (ولد الليلة لي غلام وسميته باسم أبي إبراهيم).
فالحديث الذي في فيه (تسموا بأسماء الأنبياء) ما ثبت؛ لأن فيه رجلاً ضعيفاً، وأما التسمية فليس هناك ما يمنع منها، وإنما الإشكال في كون الرسول أمر بالتسمية، لكنه سمى باسم أبيه إبراهيم، وقال: (ولد الليلة لي غلام وسميته باسم أبي إبراهيم).
فلم يثبت أمره صلى الله عليه وسلم بأن يسمى، وأما هذا الذي في الحديث فهو إخبار أنهم كانوا يسمون بأسماء أنبيائهم، وهنا أيضاً لا بأس أن يسمى بأسماء الأنبياء؛ لأن القدوة في ذلك رسول الله عليه الصلاة والسلام، وقد سمى ابنه إبراهيم باسم أبيه إبراهيم الخليل عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة وأتم التسليم.
وقد بوب النووي: باب استحباب التسمية بعبد الله وإبراهيم وسائر أسماء الأنبياء عليهم السلام.
وعلى كل فإن أسماء عبد الله وعبد الرحمن جاء نص فيها، وأما الأنبياء فما أعلم نصاً صحيحاً يدل على الأمر بالتسمية بها، ولكن جائز أن يسمى لأنه صلى الله عليه وسلم سمى ابنه باسم أبيه إبراهيم.