قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا إبراهيم بن زياد سبلان حدثنا عباد بن عباد عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (أحب الأسماء إلى الله تعالى عبد الله وعبد الرحمن)].
أورد أبو داود حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أحب الأسماء إلى الله تعالى عبد الله وعبد الرحمن)، وهذا فيه بيان أن هذين الاسمين هما أحب الأسماء إلى الله، و (الله) و (الرحمن) وهذان من أسماء الله الحسنى، والأسماء الحسنى كثيرة، ولكن خص بالذكر منها هذان الاسمان لأنهما لا يطلقان إلا على الله؛ لأن من أسماء الله ما لا يطلق إلا عليه، ومنها ما يطلق على الله تعالى وعلى غيره، مع أن الصفة التي في الاسم والمضافة إلى الله عز وجل تختلف عما يضاف إلى المخلوقين؛ لأن صفات الباري كما يليق به، وصفات المخلوقين كما يليق بهم، ومن الأسماء التي لا يسمى بها إلا الله ولا يسمى به غيره: لفظ الجلالة (الله) والرحمن؛ لأن الله لا يطلق إلا على الله ولا يسمى به إلا الله، وكذلك الرحمن لا يطلق إلا على الله، بخلاف الرحيم فإنه يطلق على غيره، كما جاء في القرآن في وصف الرسول صلى الله عليه وسلم: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة:128] فوصفه بأنه رحيم، لكن لم يصفه بأنه رحمن؛ لأن الرحمن إنما يضاف إلى الله عز وجل ويسمى به الله عز وجل، ولهذا أطلق على مسيلمة الكذاب رحمن اليمامة، ولكنه ظفر بلقب صار اسماً مركباً لا ينفك عنه كما لا ينفك الوصف عن الموصوف وهو الكذاب، فيقال: مسيلمة الكذاب فلا يذكر مسيلمة وحده، إنما يميز بكلمة الكذاب، فصار ذلك ملازماً له، وقالوا: إنه كان يقال له: رحمن اليمامة.