قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب فيمن دعا على من ظلمه.
حدثنا ابن معاذ حدثنا أبي حدثنا سفيان عن حبيب عن عطاء عن عائشة رضي الله عنها قالت: (سرق لها شيء فجعلت تدعو عليه، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تسبخي عنه)].
أورد الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله هذه الترجمة بعنوان: باب فيمن دعا على من ظلمه، أي: أنه يجوز للمظلوم أن يدعو على من ظلمه، وإذا تجاوز ولم يدع عليه فذلك هو الأولى، كما جاء في القرآن في قوله عز وجل: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ} [النحل:126].
وقد أورد أبو داود حديث عائشة رضي الله عنها: أنه سرق لها شيء فدعت على من سرقه، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تسبخي عنه)، قيل: إن معنى ذلك: لا تخففي عنه العقوبة في دعائك عليه، أي: فلو تركتيه دون أن تخففي عليه العقوبة حتى يحصل عقوبة كاملة فهو الذي ينبغي، لكن هذا المعنى فيه نكارة؛ لأن كون الرسول صلى الله عليه وسلم يأمرها ألا تدعو عليه حتى يحصل عقوبة كاملة ليس بواضح، وهو خلاف منهج الرسول صلى الله عليه وسلم الذي هو رءوف رحيم، كما وصفه الله عز وجل بقوله: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة:128].
والحديث من جهة الإسناد فيه حبيب بن أبي ثابت، وهو كثير التدليس والإرسال، وقد روى هنا بالعنعنة، وعلى هذا فالحديث فيه ضعف من جهة الإسناد، وفيه أيضاً نكارة من جهة المعنى، والله تعالى أعلم.