قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب المستبان.
حدثنا عبد الله بن مسلمة حدثنا عبد العزيز -يعني ابن محمد - عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (المستبان ما قالا فعلى البادئ منهما ما لم يعتد المظلوم)].
أورد أبو داود هذه الترجمة بعنوان: باب المستبان، يعني: اللذين يتسابان، وكل منهما يسب الآخر، هذا يسب هذا، وهذا يسب هذا.
وقد أورد أبو داود حديث أبي هريرة: (المستبان ما قالا فعلى البادئ منهما ما لم يعتد المظلوم) ومعنى ذلك: أن من حصل منه البدء بالسب، فإن كان الذي أجابه لم يزد ولم يتجاوز، فإن الإثم على الأول منهما، والثاني ليس عليه إثم؛ لأنه عاقب بمثل ما عوقب به، وقد أُذن له بذلك، كما قال الله عز وجل: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} [النحل:126] ثم قال: {وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ} [النحل:126]، أي: أن الصبر أفضل من المعاقبة، لكن إذا زاد الثاني الذي حصل له السب، فإنه يكون له نصيب من الإثم من أجل زيادته في السب؛ لأن كونه يجازي بمثل ما حصل له ليس عليه إثم، وإنما عليه إثم إذا زاد.
إذاً: إثم السب على البادئ منهما؛ لأنه هو السبب، والثاني ليس عليه إثم إذا كان لم يزد، ولكنه إذا زاد فإنه يكون له نصيب من الإثم بالزيادة، وهذا الذي في الحديث قريب من الحديث الذي سبق أن مر وفيه: (والسبتان بالسبة) أي: كون الإنسان يحصل له سبة ثم يأتي بسبتين.