قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في النهي عن التجسس.
حدثنا عيسى بن محمد الرملي وابن عوف وهذا لفظه قالا: حدثنا الفريابي عن سفيان عن ثور عن راشد بن سعد عن معاوية رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إنك إن اتبعت عورات الناس أفسدتهم أو كدت أن تفسدهم) فقال أبو الدرداء رضي الله عنه: كلمة سمعها معاوية من رسول الله صلى الله عليه وسلم نفعه الله تعالى بها].
أورد أبو داود باب النهي عن التجسس، والتجسس: هو البحث والتنقيب عن العورات، أو عن معايب الناس وعيوبهم.
وقد أورد أبو داود حديث معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إنك إن اتبعت عورات الناس أفسدتهم أو كدت أن تفسدهم)؛ لأن ذلك يحصل بسوء الظن، وكل ما حصل بسوء الظن فإنه يحصل منهم أيضاً إساءة الظن، وقد يحصل منهم أشياء يكونون قد أفسدوا فيها وقد يكون السبب في ذلك هو ظن السوء بهم.
وقوله: [قال أبو الدرداء: سمع معاوية رضي الله عنه كلمة من الرسول صلى الله عليه وسلم نفعه الله بها]، أي: أنه طبقها، ولم يحصل منه سوء الظن بالناس، فهذا الذي رواه نفعه الله به، وهذا يدل على أن الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم كانوا يروون السنن ويطبقونها وينفذونها، وكانوا أسبق الناس إلى تطبيق ما يتلقونه من رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه ورضي الله تعالى عنهم وأرضاهم.
والتجسس معناه: التفتيش عن بواطن الأمور في الشر غالباً، وقيل: هو البحث عن العورات، وقوله: (إن اتبعت) إلى آخره، قال في فتح الودود: أي: إذا بحثت عن معايبهم وجاهرتهم بذلك فإنه يؤدي إلى قلة حيائهم عنك، فيجترئون على ارتكاب أمثالها مجاهرة.