قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن عوف حدثنا أبو اليمان حدثنا شعيب حدثنا عبد الله بن أبي حسين حدثنا نوفل بن مساحق عن سعيد بن زيد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن من أربى الربا الاستطالة في عرض المسلم بغير حق)].
أورد أبو داود حديث سعيد بن زيد أحد العشرة المبشرين بالجنة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن من أربى الربا استطالة الرجل في عرض أخيه المسلم بغير حق) أي: أن يتكلم في عرضه، وهذا هو الغيبة.
وقوله: (بغير حق) أي: أنه إذا كان بحق فإن ذلك سائغ، كما جاء في الحديث: (لي الواجد ظلم يحل عرضه وعقوبته) فإن هذا بحق، أي: كونه يتكلم في عرضه، والمقصود بالعرض أنه يسبه، ويقول: إنه ظلمني، ويغتابه؛ لأن هذا من الغيبة المباحة المستثناة من المنع، وهذا يدل على خطورة الغيبة وأكل لحوم الناس، والولوغ في أعراضهم؛ لأن هذا من أخطر الأمور، ومن أشد الأمور على الناس، والإنسان لا يعجبه أن يعامل هو نفس هذه المعاملة، وإذا كان لا يحب أن يعامل هذه المعاملة فعليه أن يعامل الناس نفس المعاملة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه مسلم في الصحيح عن عبد الله بن عمرو: (فمن أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأته منيته وهو يؤمن بالله وباليوم الآخر، وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه) أي: يعامل الناس كما يحب أن يعاملوه به، وإذا كان هو لا يرضى ولا يحب أن يغتاب، فأيضاً عليه ألا يغتاب الناس.