قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا شريك عن الركين بن الربيع عن نعيم بن حنظلة عن عمار رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من كان له وجهان في الدنيا كان له يوم القيامة لسانان من نار)].
أورد أبو داود حديث عمار رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من كان له وجهان في الدنيا كان له يوم القيامة لسانان من نار) وقال: (لسانان) لأنه يلقى هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه، والمقصود بذلك: الكلام الذي يتحدث به بلسانه، فهو يتكلم مع هؤلاء بلسانه بشيء يناسبهم، ويتكلم مع هؤلاء بشيء يناسبهم من أجل أن يحظى عند هؤلاء وهؤلاء، فمن أجل ذلك كانت العقوبة أنه يكون له لسانان من نار يوم القيامة؛ لأنه كان يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه.
إذاً: المقصود بالوجه هو اللسان؛ لأنه كان يتحدث مع هؤلاء ويتحدث مع هؤلاء، وليس المقصود الوجه الذي هو حقيقة الوجه، وإنما يأتي هؤلاء بطريقة معينة فيتكلم معهم بكلام يناسبهم، ثم يأتي إلى جماعة أخرى ويتكلم بكلام يناسبهم حتى يحظى عند هؤلاء وعند هؤلاء، ولذلك فإنه يكون له لسانان من نار يوم القيامة، ولم يقل: وجهان من نار؛ لأن المقصود هو اللسان.