قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في الرجل يضع إحدى رجليه على الأخرى.
حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا الليث ح وحدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن أبي الزبير عن جابر رضي الله عنه قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يضع، وقال قتيبة: يرفع الرجل إحدى رجليه على الأخرى.
زاد قتيبة: وهو مستلقٍ على ظهره)].
أورد أبو داود هذه الترجمة بعنوان: باب في الرجل يضع إحدى رجليه على الأخرى، أي: أن يستلقي ويضع إحدى رجليه على الأخرى.
وأورد أبو داود في هذا حديثاً فيه أن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى أن يضع أو يرفع إحدى رجليه على الأخرى، وقد جاء عن بعض الصحابة أنهم كانوا يضعون أرجلهم على أرجلهم وهم مستلقون، والرسول صلى الله عليه وسلم جاء عنه أنه كان يفعل ذلك وهو مستلقٍ، وأيضاً جاء عن عمر وعثمان أنهم كانوا يفعلون ذلك.
إذاً: يحمل هذا النهي في الحديث على ما إذا كان يترتب على ذلك انكشاف العورة، فإنه إذا كان على الإنسان إزار ورفع إحدى رجليه على الأخرى ربما يترتب عليه انكشاف العورة، وهذا منهي عنه، وذلك مثل أن إحدى ركبتيه ويضع الرجل الثانية عليها؛ فإذا كان عليه إزار فإن عورته تنكشف، وأما إذا كان عليه سراويل فإنه لا تنكشف عورته بذلك، فيكون النهي فيما يترتب عليه انكشاف عورة، وأما إذا كان لا يترتب عليه انكشاف عورة، بأن يكون عليه إزار ولكنه مد رجليه ووضع إحداهما على الأخرى وهما ممدودتان، فإن هذا كما لو كانت الواحدة بجوار الأخرى، ولا يترتب عليه انكشاف عورة، وهذا لا محذور فيه، وعلى ذلك يحمل ما جاء من الأحاديث في ذلك أنه كان صلى الله عليه وسلم مستلقياً واضعاً إحدى رجليه على الأخرى، أي: أنه كان قد مدهما أو وضع أحداهما على الأخرى وهما ممدودتان، ومثل هذا لا يترتب عليه انكشاف العورة حتى ولو كان عليه إزار؛ لأن وضع واحدة على الأخرى وهما ممدودتان وهو مثل وضعها بجوارها، ولا يترتب عليه شيء من الانكشاف، وإنما الانكشاف يترتب لو كانت الرجل على الركبة، والإنسان عليه إزار، فإن هذا يترتب عليه انكشاف العورة، وهذا هو الذي لا يجوز، وأما إذا كان لا يترتب عليه ذلك وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فعله، فإنه يحمل على مثل هذه الصورة التي لا يترتب عليها انكشاف عورة.
وفيه دليل على أن الإنسان ينام مستلقياً ويضع إحدى رجليه على الأخرى إذا كان عليه إزار حتى يكون على وجه لا تنكشف معه العورة.