قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا مسدد حدثنا بشر حدثنا عمارة بن غزية قال: حدثني رجل من قومي عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من أعطي عطاء فوجد فليجز به، فإن لم يجد فليثن به، فمن أثنى به فقد شكره، ومن كتمه فقد كفره).
قال أبو داود: رواه يحيى بن أيوب عن عمارة بن غزية عن شرحبيل عن جابر.
قال أبو داود: وهو شرحبيل، يعني: رجلاً من قومي، كأنهم كرهوه فلم يسموه].
أورد أبو داود حديث جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [(من أعطي عطاء فوجد فليجز به)].
يعني: وجد مالاً، أو وجد قدرة على أن يكافئ ويجزي به، فإنه يجزي به، بمعنى: أن من صنع إليه معروفاً فيكافئه الإنسان مقابل ما حصل منه من الإحسان، فيقابل الإحسان بالإحسان، فإذا كان واجداً، ذا قدرة مالية؛ فإنه يكافئه ويجزي به ذلك الذي أحسن إليه وأعطاه.
قوله: [(فإن لم يجد فليثن به)].
يعني: يثني على ذلك الذي أحسن إليه بعطائه ويشكره، وهذا هو المقصود من الترجمة، أن الإنسان يشكر، ومعلوم أن الثناء والدعاء يمكن أن يكون مع المكفاءة والعطاء، فالإنسان حتى إذا قدر على المبادلة والإحسان فإنه أيضاً يدعو مع ذلك ويشكر عليه ويثني عليه بذلك، لكن إذا لم يكن عند الإنسان شيء يقابل به، فلا أقل من الثناء والدعاء لمن حصل منه الإحسان إليه.
قوله: [(فمن أثنى به فقد شكره)].
أي: من أثنى على من أحسن إليه بهذه النعمة, فقد شكره.
قوله: [(ومن كتمه فقد كفره)].
أي: كفر هذه النعمة، ومعلوم أن كون الإنسان يشكو من أعطاه، هذا أمر واضح وليس فيه إشكال، وأما أن يخبر الناس أنه حصل له كذا وكذا، وأنه أعطي من فلان، فهذا إذا كان فيه مصلحة فيمكن له ذلك، وإن لم يكن هناك مصلحة، أو كان ذلك الذي أعطاه لا يريد منه أن يذكر ذلك لأحد، أو أن يعلن ذلك، فإنه يخفيه، ولكنه يشكر ويثني على ذلك الذي أحسن إليه.