شرح حديث: (إذا مدح أحدكم صاحبه لا محالة فليقل: إني أحسبه)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا أحمد بن يونس حدثنا أبو شهاب عن خالد الحذاء عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه: (أن رجلاً أثنى على رجل عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: قطعت عنق صاحبك ثلاث مرات، ثم قال: إذا مدح أحدكم صاحبه لا محالة فليقل: إني أحسبه كما يريد أن يقول، ولا أزكيه على الله)].

أورد أبو داود حديث أبي بكرة، وهو نفيع بن الحارث رضي الله تعالى عنه: (أن رجلاً مدح رجلاً عند النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: قطعت عنق صاحبك) يعني: أنك أهلكته؛ لأن قطع العنق يكون به الهلاك، فكذلك الإنسان إذا مدح مدحاً قد يلحق به ضرراً فإنه قد يصيبه الهلاك بذلك، أي: الهلاك المعنوي، فكما أن الهلاك الحسي يكون بقطع الرأس، فكذلك الهلاك المعنوي يكون بالمدح الذي يؤدي به إلى الغرور ونحوه.

قوله: [(إذا مدح أحدكم صاحبه لا محالة فليقل: إني أحسبه كما يريد أن يقول، ولا أزكيه على الله)].

يعني: إذا أراد الإنسان أن يمدح أخاه وكان لا بد من المدح فليقل: (أحسبة كما يريد أن يقول) يعني: يذكر الشيء الذي يريد أن يصفه به، أو يذكر الصفات التي هي فيه.

قوله: [(ولا أزكيه على الله)] يعني: هكذا يظهر لي، والناس لهم الظاهر وقد تكون البواطن بخلاف ذلك، فلا يزكي على الله أحداً؛ لأنه سواء كان بالنسبة لواقعه أثناء الكلام فيه، أو بالنسبة للنهاية والمآل، فكل ذلك لا يعلمه إلا الله عز وجل، وهو الذي يعلم أن المدح يكون في محله أو في غير محله، فهذا في النهايات و (الأعمال بالخواتيم) كما قال ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015