قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا مسدد قال حدثنا سفيان عن ابن المنكدر عن عروة عن عائشة قالت: (استأذن رجل على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: بئس ابن العشيرة، أو بئس رجل العشيرة! ثم قال: ائذنوا له، فلما دخل ألان له القول، فقالت عائشة: يا رسول الله! ألنت له القول وقد قلت له ما قلت؟! قال: إن شر الناس عند الله منزلةً يوم القيامة من ودعه -أو تركه- الناس لاتقاء فحشه)].
أرود أبو داود حديث عائشة رضي الله عنها أن رجلاً استأذن على النبي صلى الله عليه وسلم، فلما سمع صلى الله عليه وسلم باسمه قال: (بئس رجل العشيرة، أو بئس ابن العشيرة).
وهذا فيه ذم له، ولما دخل ألان له القول، فلما خرج قالت عائشة: يا رسول الله، إن فلاناً قلت فيه كذا وكذا، ثم ألنت له القول، تعني: أنه ما حصل منه شيء يطابق الذي قاله عنه في الأول، وإنما ألان له القول، فقال عليه الصلاة والسلام: (إن شر الناس منزلةً عند الله من ودعه الناس اتقاء فحشه) أي: تركه الناس اتقاء فحشه، أو اتقاء شره، وذلك كإنسان يكون عند بذاءة في اللسان وعنده تطاول على الناس، فالناس يحرصون على أن يتخلصوا منه، ولا يدخلون معه في مصادمات؛ لأنه يؤذيهم، وقد بذل نفسه للإيذاء فما يكون من الناس إلا أن يلينوا له القول لاتقاء شره، فبدلاً من أن يحصل منهم أمر يدفعه إلى أن يتطاول عليهم ويؤذيهم ويسبهم ويفحش في القول فيهم، يلينوا له القول من أجل أن يتقوا شره؛ لأن سلامة الناس من شره أمر مقصود.