قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا الحسن بن علي حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن قتادة عن أنس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نحوه قال: (سيماهم التحليق والتسبيد، فإذا رأيتموهم فأنيموهم).
قال أبو داود: التسبيد: استئصال الشعر].
هذا الحديث الذي أورده أبو داود رحمه الله يتعلق بالحديث الذي قبله، وقد أحال في هذه الرواية على ما مضى وقال: [نحوه] أي: نحو الحديث المتقدم فيما يتعلق بالمتن، وأشار إلى أنه يوجد هنا اختلاف عما تقدم، وذلك في قوله: (سيماهم التحليق والتسبيد) فقوله: (سيماهم التحليق)، مر فيما مضى، يعني: أن هذه علامتهم التي يعرفون ويتميزون بها، وأنهم يحلقون رءوسهم ويستأصلون حلقها.
وقد مر أن هذه العلامة لا تعني أنه لا يجوز حلق الرأس، بل يجوز حلقه ويجوز تركه، وقد دل على ذلك الحديث الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أنه لما رأى صبياً قد حلق بعض رأسه وترك بعضه قال: احلقوه كله أو دعوه كله).
والتسبيد: هو استئصال الشعر.
وقوله: [(فإذا لقيتموهم فأنيموهم)].
الإنامة المقصود بها: القتل؛ لأن الإنسان إذا قتل فإنه يقع على الأرض كالنائم، وذلك ليسلم الناس من شرهم، ومعلوم أن النوم هو أخو الموت، وقد جاء في الحديث: (النوم أخو الموت، وأهل الجنة لا ينامون)، وقد جاء في القرآن: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا} [الزمر:42]، يعني: والتي لم تمت يتوفاها في منامها.
قال أبو داود: [التسبيد: استئصال الشعر].
أي: هذا هو تفسير التسبيد الذي جاء معطوفاً على التحليق.