شرح حديث أبي عبيدة في ذكر الدجال

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في الدجال حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن خالد الحذاء عن عبد الله بن شقيق عن عبد الله بن سراقة عن أبي عبيدة بن الجراح قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إنه لم يكن نبي بعد نوح إلا وقد أنذر الدجال قومه، وإني أنذركموه، فوصفه لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: لعله سيدركه من قد رآني وسمع كلامي! قالوا: يا رسول الله! كيف قلوبنا يومئذ أمثلها اليوم؟ قال: أو خير)].

أورد بعد ذلك أبو داود باباً في الدجال، والدجال: هو إنسان من بني آدم يخرج في آخر الزمان، ويكون ذلك قرب قيام الساعة في زمن عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام، ويكون موجوداً قبل أن ينزل عيسى، ويكون أيضاً في زمن المهدي، فقد جاء في الحديث أن عيسى بن مريم يصلي وراء إمام المسلمين، وقد جاء في بعض الأحاديث أنه المهدي، ثم بعد ذلك يخرج الدجال ويقتله عيسى بباب لد، فهو من علامات الساعة التي تكون في آخر الزمان، وهو فتنة عظيمة، ويأتي الناس بأمور عجيبة غريبة فيفتنون به، وقد أعطي القدرة على الانتقال، فجاء أن سيره في الأرض كالغيث استدبرته الريح، ويطوف المدن ولا يمنع من شيء منها إلا من مكة والمدينة، ويأتي الناس بجنة ونار، وناره جنة وجنته نار، ولا يستطيع دخول المدينة بل تمنعه الملائكة من دخولها، وجاء في الحديث أنها ترجف ثلاث رجفات فيخرج إليه كل كافر وكافرة وكل منافق ومنافقة، ويتبعونه.

وقد جاء فيه أحاديث كثيرة متواترة في الصحيحين وفي غير الصحيحين، وقد جاء أن الأنبياء حذروا أممهم منه، وحذر النبي صلى الله عليه وسلم أمته منه، وجاء عنه أحاديث تدل على أنه قريب جداً، وقد جاء أنه قال: (إن يخرج وأنا فيكم فأنا حجيجه، وإلا فكل امرئ حجيج نفسه)، ولعل هذا كان قبل أن يعلم أن وقته متأخر؛ لأنه جاء عنه عليه الصلاة والسلام نصوص تدل على تأخر وقته، وعلى وجود أمور تقع قبل وقته، فما جاء من الأحاديث يحمل على أنه لم يكن قد أوحي إليه بالوقت الذي يخرج فيه بالتحديد، ولكنه قريب، فقد أخبر عليه السلام أنه بعث والساعة كهاتين، والدجال من علامات الساعة، ولكن جاء في بعض الأحاديث ما يدل على قربه، وأنه قد يخرج وهو فيهم، وقد يخرج وهو ليس فيهم، وجاءت بعد ذلك نصوص تدل على أنه لا يخرج وهو فيهم، وإنما يكون في وقت متأخر، وأن عيسى هو الذي يتولى قتله، ويكون ذلك في أمور ليست متصلة بزمانه صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.

وأورد أبو داود حديث أبي عبيدة عامر بن عبد الله بن الجراح رضي الله تعالى عنه.

قوله: [(إنه لم يكن نبي بعد نوح إلا وقد أنذر الدجال قومه)].

يعني: أنذرهم فتنة الدجال.

قوله: [(وإني أنذركموه، فوصفه لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: لعله سيدركه من قد رآني وسمع كلامي)].

معناه: أنه قد يخرج في زمن قريب، وأن الذين رأوا الرسول صلى الله عليه وسلم وصحبوه قد يدركونه ويرونه، وهذا يشبه الحديث الذي قال: (إن يخرج وأنا فيكم فأنا حجيجه، وإلا فكل امرئ حجيج نفسه).

قوله: [(قالوا: يا رسول الله! كيف قلوبنا يومئذ، أمثلها اليوم؟ قال: أو خير)].

أي: كيف تكون قلوبنا يوم خروج الدجال من ناحية الثبات؛ لأنه إذا جاء بالفتنة فإن بعض الناس سيتأثر ويتغير ما في نفسه، لأنه يرى أموراً مذهلة.

وهنا أشار إلى أن قلوبهم مثل الآن أو خير، أي: أنهم سيثبتون ولا يحصل لهم الافتتان به، فلا يصدقونه ويتبعونه، وقد أخبرهم النبي صلى الله عليه وسلم عن أخباره، وأن جنته نار وناره جنة.

والحديث ضعفه الألباني؛ ففي إسناده عبد الله بن سراقة قال البخاري: إنه لم يسمع من أبي عبيدة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015