حكم وصف أبي بكر بالضعف بالنسبة لعمر

Q ألقى أحد الأساتذة محاضرة عن آراء الناس في أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، فقال الأستاذ أثناء محاضرته: كان أبو بكر رضي الله عنه ليناً جداً في الإمارة، وأيضاً ضعيفاً بالنسبة لـ عمر رضي الله عنه، فما رأيكم فيما قال؟

صلى الله عليه وسلم يجب أن تكون الألسنة نظيفة عند الكلام على أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم، وكذلك يجب أن تكون القلوب سليمة ليس فيها شيء من الأذى والقذر، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية في العقيدة الواسطة: ومن أصول أهل السنة والجماعة سلامة قلوبهم وألسنتهم لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكل شيء فيه احتمال أو إيهام تنقص فإن البعد عنه مطلوب.

فكون أبي بكر رضي الله عنه ليناً هذا لاشك فيه، ولكنه في بعض المواقف كان أشد وأعظم من عمر، وذلك في مسألة قتال المرتدين، فإنه وقف وقفة شجاعة حتى إن عمر جاء وراجعه للقتال في ذلك، ولكنه قال: لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة، ثم قال عمر: فما هو إلا أن رأيت أن الله شرح صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه الحق.

وهذا معناه أن عمر رأى أن هذا موقف شجاع.

والحاصل أنه كان عنده لين، وعمر عنده شدة، وقد كان عمر محموداً في شدته وأبو بكر محموداً في لينه، ولا يقال إن أحدهما مذموم.

فالتعبير بأنه ضعيف أمام عمر لا يصلح، وإذا أراد الإنسان بذلك التنقص فلاشك أنه كلام قبيح، والذي ينبغي هو تنظيف الألسنة والقلوب من أن يكون فيها شيء لا يليق بحق أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم.

وأما بالنسبة لـ عمر رضي الله عنه فخلافته طالت وبلغت مقدار خلافة أبي بكر خمس مرات، لأن أبا بكر تولى سنتين وأشهراً، وعمر رضي الله عنه تولى عشر سنوات وأشهراً، فحصل فيها خير كثير، وحصل فيها فتوحات عظيمة، وقضى على الدولتين العظميين في ذلك الزمان: دولة الفرس ودولة الروم، والرؤيا التي رآها النبي صلى الله عليه وسلم في النزع من البئر فيها: (أن أبا بكر نزع ذنوباً أو ذنوبين، ثم نزع عمر حتى استحالت غرباً، قال: فلم أر عبقرياً يفري فرية، حتى ضرب الناس بعطن)، ومعنى ذلك أنه اتسعت رقعة البلاد الإسلامية في خلافته ودخل الناس في دين الله، وقضي على الدولتين العظميين في ذلك الزمان.

فالحاصل أن كل شيء لا ينبغي في حق الصحابة ليس للإنسان أن يتلفظ به، وكذلك إذا كان الكلام موهماً أو محتملاً، بل يأتي بالكلام الواضح الجلي الذي فيه الثناء والمدح للجميع، ولا يأتي بشيء فيه احتمال.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015