قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في الرؤية.
حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا جرير ووكيع وأبو أسامة عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه أنه قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، جلوساً، فنظر إلى القمر ليلة البدر، ليلة أربعة عشرة، فقال: (إنكم سترون ربكم كما ترون هذا لا تضامون في رؤيته، فإن استطعتم ألا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا، ثم قرأ هذه الآية: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا} [طه:130]).
قوله: [باب في الرؤية] أي في رؤية الله عز وجل، وكون المؤمنين يرونه بأبصارهم يوم القيامة، والرؤية حق، فإنها ثابتة في كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وقد جاءت الأحاديث المتواترة عن رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه تدل على ثبوت الرؤية في الدار الآخرة.
وأما بالنسبة للدنيا فقد شاء الله عز وجل ألا يُرى، وادخر للمؤمنين رؤيته إلى الدار الآخرة؛ لأن رؤيته تكون أعظم نعيم لأهل الجنة، فجعلت في دار النعيم، ولم يجعلها الله عز وجل في الدنيا، ولو شاء لفعل، فرؤيته في الدنيا ممكنة ولكنه شاء أن يجعلها في الدار الآخرة، وأن تكون غيباً يستعد الموفقون له بالأعمال الصالحة التي توصلهم إلى ذلك النعيم، فإن أعلاه وأكمله النظر إلى وجه الله سبحانه وتعالى.
وقد جاء في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنكم لن تروا ربكم حتى تموتوا) وهو حديث أخرجه مسلم في صحيحه، وهو يدل على أن رؤية الله عز وجل لا تحصل في الدنيا، وأن الله تعالى شاء ألا يُرى إلا في الآخرة.