وجاء في بعض طرق هذا الحديث أن كل صحابي كان يجيبه ثم يحيله على أخيه، ولم يسأل هذا السؤال أكثر من واحد من تلقاء نفسه، أخرجه ابن ماجة هكذا، وذكره الشيخ مقبل الوادعي رحمه الله في كتابه الجامع الصحيح في القدر.
ولعل هذا أيضاً وقع منه حتى يتأكد من زوال ما في قلبه من اللبس، لكن فيما يتعلق بالأمور التي هي أحكام شرعية لا يحيل العالم إلا إذا اجتهد في الجواب وقد رجا أن يكون عند غيره دليل، مثل ما جاء عن أبي موسى في قصة الميراث لما أفتى ثم قال للسائل: واذهب إلى ابن مسعود فسيتابعني، فقال ابن مسعود: قد ضللت إذاً وما أنا من المهتدين إلخ الحديث.
فإذا كان العالم غير مطمئن للجواب فإنه يحيل على غيره، وأما إذا ذهب المستفتي إلى من يثق بعلمه ودينه فأفتاه فلا يكثر الأسئلة؛ لأنه قد يحصل له الجواب على اجتهادات مختلفة فيتشوش، وأما إذا كان الأمر يحتاج إلى استثبات مثل قصة هذا الرجل الذي وقع في نفسه شيء من القدر، وهو يريد أن يتحقق من زوال ما في نفسه منه؛ فله ذلك، ولهذا سأل أكثر من واحد واتفقوا على شيء واحد يجعله يكون مطمئناً لما أجيب به، وهذا إنما هو تبصير وبيان لشيء وقع في نفسه مما يتعلق بالقدر.