ذكرت فيما مضى أن الناس لا يعرفون المقدر إلا بأمرين: الأمر الأول: الوقوع، فكل شيء وقع فقد قدر؛ لأنه لا يقع إلا ما قدر، (ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن): فما شئتَ كان وإن لم أشأ وما شئت إن لم تشأ لم يكن والأمر الثاني: أن يحصل الإخبار من الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم عن أمر مستقبل، فإن هذا الذي أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم لابد أن يقع، وكل شيء يقع لابد أن يكون مقدراًَ، ومن ذلك إخباره عن الدجال، وعن خروج يأجوج ومأجوج، وعن نزول عيسى بن مريم، وغير ذلك من الأمور التي تقع بين يدي الساعة وما حصل قبل ذلك، وما حصل بعد زمنه بوقت يسير مثل قوله صلى الله عليه وسلم عن الحسن: (إن الله سيصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين).
فإن هذا الذي أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم حق وصدق لابد أن يوجد، ويعتقد بأنه سبق به القضاء والقدر؛ لأنه لا يقع في الوجود إلا ما هو مقدر.