قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن عثمان بن غياث قال: حدثني عبد الله بن بريدة عن يحيى بن يعمر وحميد بن عبد الرحمن قالا: لقينا عبد الله بن عمر فذكرنا له القدر وما يقولون فيه، فذكر نحوه زاد قال: (وسأله رجل من مزينة أو جهينة فقال: يا رسول الله! فيم نعمل، أفي شيء قد خلا أو مضى أو في شيء يستأنف الآن؟ قال: في شيء قد خلا ومضى.
فقال الرجل أو بعض القوم: ففيم العمل؟ قال: إن أهل الجنة ييسرون لعمل أهل الجنة، وإن أهل النار ييسرون لعمل أهل النار)].
أورد أبو داود رحمه الله حديث جبريل من طريق أخرى وفيه الزيادة أن رجلاً من مزينة أو من جهينة سأله عن القدر فقال: (أفي شيء قد خلا أو مضى أو في شيء يستأنف الآن؟ قال: في شيء قد خلا ومضى).
يعني: أن الناس يعملون في شيء سبق به علم الله وتقديره وكتابته ومشيئته، فقيل: (ففيم العمل؟) وهذا مثل ما جاء في حديث علي الذي مر قريباً وفيه أنهم قالوا: (أنتكل على كتابنا وندع العمل؟ قال: لا.
اعملوا فكل ميسر، أهل السعادة ييسرون للسعادة، وأهل الشقاوة ييسرون للشقاوة)، ومعنى ذلك: أن الناس لا يتركون العمل بناءً على أنه سبق القضاء والقدر بما هم صائرون إليه -فإن الله تعالى قدر ما هم صائرون إليه، وقدر الأسباب التي توصل إليه- بل يأخذون بالأسباب التي قدرها الله عز وجل، والغايات تأتي بعد وجود السبب الذي قدره الله عز وجل من العمل الصالح أو العمل السيئ، فمن عمل صالحاً انتهى إلى نهاية حسنة، ويسر لعمل أهل السعادة، ومن عمل بخلاف ذلك انتهى نهاية سيئة، ويسر لعمل أهل الشقاوة والعياذ بالله!