Q أشكل علي في حديث جبريل أنه لبيان بدعة القدرية ولكن يحيى بن يعمر وحميد بن عبد الرحمن ذكرا لـ ابن عمر محاسنهم من العبادة والاجتهاد في العلم، ولم ينكر ابن عمر ذلك، فهل في ذلك ما يدل على الموازنات؟
صلى الله عليه وسلم لا يدل على ذلك، ولكن هذا يبين أن هؤلاء لم يكونوا منحرفين عن العبادة؛ لأنهم عندهم عبادة، وعندهم قراءة قرآن، لكن وجد منهم هذا الأمر المنكر، فالمقصود من ذلك حتى يعرف أن هذا الذي حصل لم يكن من أناس لا علاقة لهم بالدين ولا يشتغلون به، بل هم منتسبون إلى الدين، ولكنهم جاءوا بهذه البدعة، فلا يدل هذا على أنه لا يذكر مبتدع حتى تذكر حسناته قبل ذلك؛ لأن المقصود من هذا ليس ذكر الحسنات، وإنما المقصود من ذلك بيان أن هؤلاء ما جاء هذا الكلام منهم لأنهم بعيدون عن المسلمين، وليسوا على الإسلام، ولا يشتغلون بالقرآن ولا يشتغلون بالعلم، بل هم مجتهدون، ولكن البلاء جاء من الانحراف والبدعة التي حصلت لهم.
ومعلوم أن المهم في الأمر هو المسئول عنه، ولكن هذا تمهيد من أجل بيان حالهم، وأن لا يظن أنهم منحرفون في الأصل انحرافاً كلياً، بل عندهم شيء من الدين، ولكنهم أتوا بهذه البدعة الخبيثة.
والرسول صلى الله عليه وسلم لما استشارته المرأة وذكرت له اللذين خطباها وهما معاوية وأبو جهم، أجابها ببيان حالهما من حيث التزوج، فقال: (أما معاوية فصعلوك لا مال له، وأما أبو جهم فلا يضع العصا عن عاتقه) وما قال: معاوية كاتب الوحي، ومعاوية رجل ذكي، بل أتى بالشيء الذي يهمها، وهذان اللذان سألا ابن عمر رضي الله عنه أرادا أن يبينا أن هؤلاء ينتسبون للإسلام ويقرءون القرآن ويتقفرون العلم، ومع ذلك يقولون بهذه المقالة الخبيثة.