أما شهادة أن محمداً رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، فقد قال فيها شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في الأصول الثلاثة هي: طاعته فيما أمر، وتصديقه فيما أخبر، واجتناب ما نهى عنه وزجر، وأن لا يعبد الله إلا بما شرع، فهي تشتمل على هذه الأمور.
فشهادة أن محمداً رسول الله تقتضي أن يطاع في كل ما يأمر به، وأن ينتهى عن كل ما ينهى عنه، وأن يصدق بكل خبر يخبر به، وأن لا يعبد الله إلا طبقاً لما جاء به، فلا يعبد بالبدع والمنكرات والمحدثات، وإنما يعبد بالوحي الذي جاء به من عند الله كتاباً وسنة، فالعبادة لابد أن تكون خالصة لله، وأن تكون مطابقة لسنة رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
ويدخل في ذلك محبته عليه الصلاة والسلام محبة تفوق محبة كل مخلوق، ولا يتقدم عليه أحد في المحبة من الخلق، كما قال عليه الصلاة والسلام: (لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين).
فوالدا الشخص اللذان كانا سبباً في وجوده وقد قاما بتنشئته وتربيته والإحسان إليه، حتى بلغ مبلغ الرجال وصار رجلاً سوياً، وكذلك أولاده الذين تفرعوا منه، وهو يحبهم ويشفق عليهم، لا يؤمن حتى يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إليه منهم، وذلك لأن المنفعة التي حصلت من الوالدين هي أنهما كانا سبب وجوده وقاما بتنشئته، لكن المنفعة التي حصلت له بسبب الرسول صلى الله عليه وسلم أعظم، وهي الهداية للصراط المستقيم، والخروج من الظلمات إلى النور، فصارت محبته تفوق محبة الوالدين والأولاد.
وقوله: (والناس أجمعين) يعم من كان للإنسان به علاقة ومن ليس له به علاقة من الناس، فلابد أن تكون محبة الرسول صلى الله عليه وسلم في قلبه مقدمة على محبة كل من سواه من الناس، فهذا هو معنى شهادة أن محمداً رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، والله تعالى أعلم.