سورة الفاتحة مشتملة على أنواع التوحيد الثلاثة، وسورة الناس مشتملة على أنواع التوحيد الثلاثة.
فقوله في سورة الفاتحة: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة:2] يشتمل على أنواع التوحيد الثلاثة، فقوله ((الْحَمْدُ لِلَّهِ)).
فيه توحيد الألوهية؛ لأن فيه إسناد الحمد وإضافته إلى الله، وهو عبادة، وتوحيد الألوهية هو إفراد الله بالعبادة.
وقوله: ((لِلَّهِ)) هذا اسم من أسماء الله الحسنى، بل هو أعظم أسماء الله، بل هو الاسم الذي تنسب إليه الأسماء كما قال الله عز وجل: {وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} [الأعراف:180] ويخبر بالأسماء عنه فيقال: والله غفور رحيم، والله عزيز حكيم، فالله مبتدأ، وغفور خبر، فتأتي الأسماء مضافة إليه وتابعة له أو منسوبة إليه، وهذا هو توحيد الأسماء والصفات.
وقوله: ((رَبِّ الْعَالَمِينَ))، هذا توحيد الربوبية، والعالمون هم: كل من سوى الله، فالله تعالى ربهم الموجد لهم، المتصرف فيهم كيف يشاء، وأيضاً الرب من أسماء الله كما قال الله عز وجل: {سَلامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ} [يس:58].
إذاً: الآية الأولى مشتملة على الربوبية والألوهية والأسماء والصفات.
وقوله: {الْرَّحمَنِ الْرَّحَيمِ} [الفاتحة:1] اسمان من أسماء الله يدلان على صفة من صفات الله وهي الرحمة، ففيه توحيد الأسماء والصفات، وأسماء الله عز وجل ليس فيها اسم جامد، بل كلها تدل على معانٍ، وكل اسم منها يشتق منه صفة، فالرحمن يدل على الرحمة، والرحيم يدل على الرحمة، والعزيز يدل على العزة، والحكيم يدل على الحكمة، والعليم يدل على العلم، والبصير يدل على البصر، والسميع يدل على السمع، والخبير يدل على الخبرة، وهكذا كل اسم يدل على صفته، لكن العكس لا يكون؛ لأن من صفات الله اليد والوجه، ولا يؤخذ منها أسماء؛ لأنها صفات ذاتية، ومن صفات الله الفعلية الاستهزاء والمكر والكيد، ولا يؤخذ منها أسماء، فلا يقال: مستهزئ ولا ماكر ولا كائد من أسماء الله.