ثم إن الشهادتين متلازمتان، لا تنفك إحداهما عن الأخرى، ولا تقبل إحداهما بدون الأخرى، فمن شهد أن لا إله إلا الله ولم يشهد أن محمداً رسول الله لم تنفعه شهادته، فأهل الكتاب إذا شهدوا أن لا إله إلا الله ولم يشهدوا أن محمداً رسول الله لا ينفعهم ذلك، بل لابد من الشهادة، بمحمد صلى الله عليه وسلم بعد مبعثه، فهم مكلفون بشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإذا لم يحصل منهم ذلك فإنهم لا يكونون من أهل الإسلام، ولا يقال: إنهم يتبعون الأنبياء السابقين، لأن الأنبياء أمروا أتباعهم باتباعه إذا بعث، لأن الرسالات ختمت ببعثته ونسخت، ومن تمسك بها وأعرض عما جاء به النبي الكريم صلى الله عليه وسلم فإنه كافر ومآله إلى النار خالداً فيها أبد الآباد.
ومما يدل على ذلك أنه قد جاء في حق موسى عليه السلام أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (لو كان موسى حياً ما وسعه إلا اتباعي).
فالرسول الذي يزعم اليهود أنهم أتباعه لو كان حياً لم يسعه إلا اتباع محمد صلى الله عليه وسلم، أما عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام الذي يزعم النصارى أنهم أتباعه، فإنه قد رفع إلى السماء، وسينزل في آخر الزمان ويقتل الدجال، ويضع الجزية فلا يقبل إلا الإسلام، ويحكم بشريعة نبينا محمد عليه الصلاة والسلام، ولا يحكم بالإنجيل الذي أنزل عليه؛ لأن الإنجيل قد نسخ ولم يبق في الأرض إلا شريعة نبينا محمد عليه الصلاة والسلام التي هي خالدة باقية إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.