قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا مؤمل بن الفضل حدثنا محمد بن شعيب بن شابور عن يحيى بن الحارث عن القاسم عن أبي أمامة: (عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: من أحب لله، وأبغض لله، وأعطى لله، ومنع لله، فقد استكمل الإيمان)].
أورد أبو داود حديث أبي أمامة صدي بن عجلان الباهلي رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال (من أحب لله، وأبغض لله، وأعطى لله، ومنع لله، فقد استكمل الإيمان)، وقوله: (من أحب لله) حذف فيه المفعول وهو متعلق بمن وبما، والمعنى أحب لله من يحبه الله، وأحب لله ما يحبه الله، والمراد: من يحبه الله من الأشخاص، وما يحبه الله من الأعمال والأقوال، إذاً فالحب يكون للأشخاص وللأقوال وللأفعال التي يحبها الله ويرضى بها، (من أحب لله، وأبغض لله) أي: أبغض من يبغضه الله، وأبغض ما يبغضه الله، (وأعطى لله) أي: من أجل الله، (ومنع لله) أي: من أجل الله، فلا يريد بإعطائه الرياء ولا غير ذلك، وإنما يعطي من أجل الله، ويرجو ثواب الله، ويخشى عقاب الله، وكذلك يمنع وفقاً لما جاء عن الله سبحانه وتعالى، فيكون إعطاؤه من أجل الله، ومنعه من أجل الله، وحبه من أجل الله، وبغضه من أجل الله، فيكون بذلك قد استكمل الإيمان، ولهذا جاء في حديث أنس بن مالك الذي في الصحيحين: (ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار)، فالحب يكون في الله ومن أجل الله، وجاء في حديث السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: (ورجلان تحابا في الله، اجتمعا على ذلك وتفرقا عليه)، فالحب والبغض من أعمال القلوب، والإعطاء والمنع من أعمال الجوارح، وكلها من الإيمان، وهي تكون نافعة إذا كانت من أجل الله، سواءً كانت من أعمال القلوب أو من أعمال الجوارح.