قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في التخيير بين الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.
حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا أهيب حدثنا عمرو -يعني ابن يحيى - عن أبيه عن أبي سعيد الخدري أنه قال: قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (لا تخيروا بين الأنبياء)].
أورد أبو داود رحمه الله باب التخيير بين الأنبياء، والمقصود بالتخيير أن يقال: فلان خير من فلان، هذا هو التخيير، ومعلوم أن القرآن والسنة جاءا بالتفضيل، قال الله تعالى: {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} [البقرة:253]، وقال: (وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ وَآتَيْنَا دَاوُدَ زَبُورًا} [الإسراء:55]، فالتفضيل ثابت في الكتاب وفي سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد أورد أبو داود رحمه الله هذا الحديث في جملة أحاديث، وهو حديث أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تخيروا بين الأنبياء) أي: لا تقولوا: فلان خير من فلان، وهذا النهي المقصود به: أنهم لا يخيرون من تلقاء أنفسهم من غير أن يكون مبنياً على أساس، أو أن يكون في التخيير تقليل من شأن بعضهم، وأما إذا كان التخيير مبنياً على علم ومبنياً على النصوص؛ فإن هذا أمر مطلوب، مع توقير الجميع وتعظيم الجميع ومحبة الجميع، ولكن يعتقد التفضيل الذي جاءت به النصوص؛ لأن التفضيل من أمور الغيب، وهذا من الأمور الغيبية، فلا يقال: فلان خير من فلان إلا بدليل، لأن هذا أمر غيبي، ومعناه: أنه خير عند الله، وأنه أفضل عند الله، وهذا لا يعلم إلا عن طريق الوحي، فالتخيير المنهي عنه هو الذي يكون مبنياً على غير علم ومبنياً على غير وحي، أو مبيناً على عصبية أو حمية، أو يكون في التخيير تقليل من شأن بعض الأنبياء، وأما إذا كان التخيير مبنياً على نصوص الوحي فإن هذا لا بأس به، والله تعالى قد ذكر في كتابه العزيز أنه فضل بعضهم على بعض.