قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن الصباح البزاز حدثنا إبراهيم بن سعد ح وحدثنا محمد بن عيسى حدثنا عبد الله بن جعفر المخرمي وإبراهيم بن سعد عن سعد بن إبراهيم عن القاسم بن محمد عن عائشة أنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس فيه فهو رد).
قال ابن عيسى: قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (من صنع أمراً على غير أمرنا فهو رد)].
أورد أبو داود حديث عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من أحدث في أمرنا ما ليس فيه فهو رد) أي: من أحدث في دين الله عز وجل شيئاً ليس من الدين، وإنما هو من محدثات الأمور التي حذر منها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقد بين عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث أن ما أحدثه محدث فهو مردود عليه، وأن الأخذ به حرام، وهو من الأخذ بالباطل، وعمل بما هو محدث في الدين وليس منه، وهذا الحديث من جوامع كلمه عليه الصلاة والسلام، فإن كل من أحدث في دين الله ما ليس منه فإنه رد، أي: مردود عليه، وإنما يكون الأخذ بما جاء في الكتاب والسنة.
وهذا الحديث موجود في الصحيحين بلفظ: (من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد) وجاء عند مسلم بلفظ آخر أعم من هذا اللفظ، وهو: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)، فهذا من أفراد مسلم، وهو أعم من الجملة الأولى؛ لأن الجملة الأولى فيها إحداث، وأما الثانية ففيها عمل، والعمل يدخل فيه ما كان محدثاً أو ما كان متابعاً لمحدث، أي: أن يكون هو المحدث لتلك البدعة، أو أن يكون سبقه غيره إلى إحداثها ولكنه عمل بها واتبع ذلك المبتدع الذي ابتدعها.
وقوله: (رد) بمعنى: مردود عليه، فلا يقبل منه، ولا ينفع صاحبه عند الله عز وجل كونه يتعبد بالبدع والمحدثات التي حذر منها رسول الله عليه الصلاة والسلام بقوله: (وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة).
وحديث عائشة هذا يدل على تحريم كل ما أحدث في دين الله مما ليس له أصل فيه، وأما ما كان له أصل فيه، أو تدل عليه نصوص شرعية، أو تدل عليه القواعد العامة فهذا لا يقال: إنه محدث، وإنما يعول على ذلك الأصل الذي أخذ منه، وأما إذا أحدث عبادة، أو أحدث شيئاً ينسب إلى الدين وهو ليس منه فهذا هو الذي حذر منه الرسول صلى الله عليه وسلم كما سيأتي في حديث العرباض بن سارية، حيث رغب في السنن، وحذر من البدع.
ويؤخذ من هذا الحديث أن الأصل في النهي أنه يقتضي الفساد.