قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: القصاص من السن.
حدثنا مسدد حدثنا المعتمر عن حميد الطويل عن أنس بن مالك قال: (كسرت الربيع أخت أنس بن النضر ثنية امرأة، فأتوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقضى بكتاب الله القصاص، فقال أنس بن النضر، والذي بعثك بالحق لا تكسر ثنيتها اليوم، قال: يا أنس! كتاب الله القصاص، فرضوا بأرش أخذوه، فعجب نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم وقال: إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره).
قال أبو داود: سمعت أحمد حنبل قيل له: كيف يقتص من السن؟ قال: تبرد].
قوله: [باب القصاص من السن].
يعني: السن بالسن، ومن حيث الدية فكما عرفنا أن كل سن من الأسنان فيها خمس من الإبل، ولكن إذا حصل التعمد وطلب أولياء المجني عليه القصاص فإنه يقتص من الجاني، وذلك بنزع سنه إذا كانت السن كلها نزعت، أو ببردها إذا كانت كسرت، حتى تكون مماثلة للسن التي جني عليها.
أورد أبو داود حديث أنس بن مالك قال: (كسرت الربيع أخت أنس بن النضر ثنية امرأة فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقضى بكتاب الله القصاص) يعني: ما دام أنه حصل تعد فإن الحكم في ذلك القصاص.
قوله: [(فقال أنس بن النضر: والذي بعثك بالحق لا تكسر ثنيتها اليوم)].
وهذا حلف، وليس المقصود من ذلك الاعتراض على حكم الله، وإنما المقصود من ذلك أنه يريد أن يحصل التنازل، أو يحصل التعويض، ثم إن الله عز وجل سخر أولئك الذين جني عليهم فقبلوا الأرش ولم يصروا على القصاص، فعند ذلك عجب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: (إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره) أي: أنه حلف وحقق الله حلفه ولم يحنث، بأن سخر الله أولئك وتنازلوا عن المقاصة وأخذوا الأرش، فعند ذلك قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: (إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره) يعني: أبر يمينه فلم يحنث فيها.
[قال أبو داود: سمعت أحمد بن حنبل قيل له: كيف يقتص من السن؟ قال: تبرد].
يعني: لأنه حصل فيها كسر، لأنه قال في الحديث: (كسرت)، ومعنى ذلك: أن أصلها موجود، أما لو أنها نزعت من أصلها فتنزع، وأما الكسر فالأصل موجود وإنما كسر طرفها، فالطريقة أنها تبرد حتى تكون مساوية لسن المجني عليه؛ لأن التماثل يحصل بهذا، وعند ذلك تكون المقاصة بخلاف لو ضربها فإنها قد تزيد.