قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: الدية كم هي؟ حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا محمد بن راشد ح وحدثنا هارون بن زيد بن أبي الزرقاء حدثنا أبي حدثنا محمد بن راشد عن سليمان بن موسى عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: (أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قضى أن من قتل خطأ فديته مائة من الإبل: ثلاثون بنت مخاض، وثلاثون بنت لبون، وثلاثون حقة، وعشرة بني لبون ذكر)].
قوله: [باب: الدية كم هي؟] أي: ما مقدارها؟ والمقصود بذلك دية النفس؛ لأنه سيذكر بعد ذلك: (باب دية الأعضاء)، وهذا يتعلق بدية النفس، والأحاديث الصحيحة جاءت بأنها مائة، ولكن جاءت مختلفة في بيان مقادير تلك المائة وتوزيعها على الأسنان.
ولهذا اختلف العلماء في بيان تلك المقادير تبعاً لما جاء في تلك الأحاديث، وما جاء عن الصحابة في ذلك، وقد مر في القسامة أن الرسول صلى الله عليه وسلم ودى عبد الله بن سهل بمائة من الإبل من عنده صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، فكونها مائة هذا لا خلاف فيه، إذ ليس هناك أحد يقول: إنها ثمانون أو تسعون أو مائة وعشرة أو مائة وعشرون، ولكن اختلفوا في أسنان هذه المائة من مخاض ولبون وجذعة وحقة.
أورد أبو داود حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما: (أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بدية الخطأ مائة من الإبل)، ثم ذكر توزيع هذه المائة فقال: ثلاثون بنت مخاض، وثلاثون بنت لبون، وثلاثون حقة وعشرة بني لبون).
معنى ذلك: أن الأسنان الثلاثة الأولى التي هي المخاض واللبون والحقة يكون منها تسعون، من كل صنف ثلاثون، وتكمل المائة بعشرة من بني لبون، وبنت مخاض هي التي أكملت سنة ودخلت في الثانية، وبنت لبون أو ابن لبون هي التي أكملت سنتين ودخلت في الثالثة، والحقة هي التي أكملت ثلاث سنوات ودخلت في الرابعة، فثلاثون من بنات مخاض، وثلاثون من بنات لبون، وثلاثون حقة، ويقال: لها بنت مخاض؛ لأن أمها بعد ولادتها صارت حاملاً، وأما بنت لبون فلأن أمها صارت ذات لبن بكونها ولدت، وأما حقة فهي التي استحقت أن يحمل عليها وأن تستخدم وأن يركب عليها وأن يطرقها الجمل؛ لأنها وصلت إلى ذلك السن الذي استحقت به ذلك، وكونها أكملت الثالثة ودخلت في الرابعة، وعشرة ذكور من بني لبون وهو السن الثاني بعد بنت المخاض.