شرح حديث: (على المقتتلين أن ينحجزوا الأول فالأول وإن كانت امرأة)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب عفو النساء عن الدم.

حدثنا داود بن رشيد حدثنا الوليد عن الأوزاعي أنه سمع حصناً أنه سمع أبا سلمة يخبر عن عائشة رضي الله عنها عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (على المقتتلين أن ينحجزوا الأول فالأول، وإن كانت امرأة).

قال أبو داود: بلغني أن عفو النساء في القتل جائز إذا كانت إحدى الأولياء، وبلغني عن أبي عبيد في قوله: (ينحجزوا) يكفوا عن القود].

قوله: [باب عفو النساء عن الدم] أي: هل يعتبر أو أنه لا يعتبر إلا عفو الرجال؟ ويدخل في النساء الزوجات، والمقصود من هذا أن أصحاب المطالبة بالقود هم الورثة، سواء كانوا رجالاً أو نساء، وأنه إذا تنازل واحد منهم فإنه يسقط القود، ولا يكون القود إلا باتفاق الورثة أولياء الدم، فإذا عفا واحد منهم سواء كان رجلاً أو امرأة، فإنه لا يقع القصاص وإنما يتحول إلى الدية، ولكن كما هو معلوم ليس بلازم أن تكون الدية المقدرة، بل لهم أن يطالبوا بشيء أكثر من الدية.

فالحاصل: أن هذه الترجمة تتعلق بالعفو للنساء، وهو معتبر، وكل وارث فإن عفوه معتبر.

وقد أورد أبو داود حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [(على المقتتلين أن ينحجزوا)] أي: يكفوا عن القود.

قوله: [(الأول فالأول)] أي: واحداً تلو الآخر، فلو حصل أن واحداً منهم لم يطالب بالقود بل عفا أو أراد أن يأخذ الدية، فإنه يسقط القصاص في هذه الحال.

وقوله: [(على المقتتلين)] المقصود بذلك أصحاب الحق في القتل، الذين إذا اتفقوا على القتل قتل القاتل وإذا لم يتفقوا فإنه لا يقتل، وذلك بمخالفة واحد منهم ولو كان المخالف امرأة.

قوله: [(وإن كانت امرأة)].

أي: إذا امتنعت أو عفت أو أرادت التحول إلى الدية فإن ذلك معتبر حتى ولو كانت زوجة، وإن كانت الزوجات قد تختلف أحوالهن عن القبائل إذا كانت من قبيلة أخرى؛ لأنها قد لا تبالي بما يحصل من حمية القبيلة، ولهذا يقول الشاعر: وما برئت من ريبة وذم في حربنا إلا بنات العم لأن بنت العم هي من القبيلة، فطريقها طريق القبيلة ولا تخالف، أما إذا كانت من قبيلة أخرى فإنها قد تفشي الأسرار من قبيلة زوجها إلى قبيلتها.

إذاً: لو أن امرأة عفت أو أي إنسان من الورثة فإنه لا يقاد الجاني.

والأولياء هم الورثة الذين تقسم عليهم الدية وغيرها، وهم الذين يطالبون بالقصاص.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015