قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب فيمن وجد مع أهله رجلاً أيقتله؟ حدثنا قتيبة بن سعيد وعبد الوهاب بن نجدة الحوطي المعنى واحد قالا: حدثنا عبد العزيز بن محمد عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه: (أن سعد بن عبادة رضي الله عنه قال: يا رسول الله! الرجل يجد مع امرأته رجلاً أيقتله؟ قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا، قال سعد: بلى، والذي أكرمك بالحق، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: اسمعوا إلى ما يقول سيدكم، قال عبد الوهاب: إلى ما يقول سعد).
حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه: (أن سعد بن عبادة رضي الله عنه قال لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أرأيت لو وجدت مع امرأتي رجلاً أمهله حتى آتي بأربعة شهداء؟ قال: نعم)].
قوله: [باب فيمن وجد مع امرأته رجلاً أيقتله؟].
المقصود من ذلك كما جاء في الحديث أنه لا يقتله؛ لأن القتل إنما يجب بالزنا المحقق، ويكون ذلك بفعل الإمام، وأيضاً ليس كل زان يرجم ويقتل؛ لأن من كان بكراً فإن حده الجلد والتغريب.
وقد أورد أبو داود حديث أبي هريرة أن سعد بن عبادة -وهو سيد الخزرج، وسعد بن معاذ سيد الأوس، وهو الذي جرح في الخندق ومات بسبب ذلك الجرح، وأما سعد بن عبادة فقد عاش بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فـ سعد بن معاذ وسعد بن عبادة هما سيد الأوس والخزرج، وهما القبيلتان المشهورتان من الأنصار رضي الله تعالى عنهم.
قوله: (أن سعد بن عبادة قال: الرجل يجد مع امرأته رجلاً أيقتله؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا، قال سعد: بلى والذي أكرمك بالحق).
يعني: أنه يريد أن يقتله.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: [(اسمعوا إلى ما يقول سيدكم)].
يخاطب الأنصار، فهو سيد الخزرج، وأحد الرواة قال: [(اسمعوا إلى ما يقول سعد)] فأحدهما قال: سيدكم، يخاطب الأنصار، والثاني قال: ما يقول سعد.
وهذا الذي قاله سعد بن عبادة ليس اعتراضاً على كلام الرسول عليه الصلاة والسلام، وإنما هو رجاء أن يكون في ذلك رخصة، وأن يكون هناك حكم غير هذا الحكم؛ لأن الزمن زمن تشريع، وهذا قاله بسبب شدة الغيرة والحمية على الأهل.
قوله: [(أرأيت لو وجدت مع امرأتي رجلاً أمهله حتى آتي بأربعة شهداء؟ قال: نعم)] أي: أنه لا يقتله؛ لأن الزنا أمره خطير، ولا يتم ثبوته إلا بالشهداء الأربعة، أو بالاعتراف من الزاني نفسه، وأما مجرد الدعاوى والاتهامات فهذه لا يعول عليها.
وقد اختلف العلماء في هذا فمنهم من قال: لو قتله وكان في بيته فإنه لا يقتل به، ولكن الأحاديث واضحة في أنه لا يجوز قتله، وذلك أن القتل قد لا يكون مستحقاً، إما لكونه ما وجد الجماع، أو أنه وجد ولكنه لا يستحل به القتل، بل عقوبته الجلد والتغريب.