قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب ولي العمد يرضى بالدية.
حدثنا مسدد بن مسرهد حدثنا يحيى بن سعيد حدثنا ابن أبي ذئب حدثني سعيد بن أبي سعيد قال: سمعت أبا شريح الكعبي رضي الله عنه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (ألا إنكم يا معشر خزاعة قتلتم هذا القتيل من هذيل، وإني عاقله، فمن قتل له بعد مقالتي هذه قتيل فأهله بين خيرتين: بين أن يأخذوا العقل، أو يقتلوا)].
قوله: [باب ولي العمد يرضى بالدية].
أي: أن من حقه أن يقتص، ومن حقه أن يأخذ الدية، ومن حقه أن يعفو عن القصاص وعن الدية.
فكل هذه الأمور الثلاثة لولي الدم أن يأخذ بأي شيء منها، فإن اختار ولي العمد القود اقتص من القاتل، وإن عفا عن القتل وأخذ الدية أخذها، وإن عفا عن القتل والدية فله ذلك.
وقد أورد أبو داود حديث أبي شريح الخزاعي الكعبي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [(ألا إنكم يا معشر خزاعة قتلتم هذا القتيل من هذيل وإني عاقله)].
أي: وإني دافع الدية، والعقل هو الدية.
قوله: [(فمن قتل له بعد مقالتي هذه قتيل فأهله بين خيرتين: أن يأخذوا العقل، أو يقتلوا)].
الذي يبدو أنه قتل عمد؛ لأن قتل الخطأ ليس فيه إلا أخذ الدية، وهو حكم مستمر، وقوله: [(بعد مقالتي هذه)] يعني: أن صاحب الدم هو بخير النظرين: إما أن يقتل، وإما أن يأخذ الدية.
فالذي يفهم من الحديث: أن هذا قتل عمد وليس خطأ؛ لأنه قال: [(بعد مقالتي هذه)] وكأن هذا حكم انتهى وأنه في المستقبل من قتل عمداً فإن صاحب الدم الذي هو ولي القتيل مخير بين شيئين: إما أن يقتص وإما أن يأخذ الدية.