شرح حديث (إن زنت الأمة فاجلدوها)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في الأمة تزني ولم تحصن.

حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن أبي هريرة وزيد بن خالد الجهني رضي الله عنهما: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الأمة إذا زنت ولم تحصن؟ قال: إن زنت فاجلدوها، ثم إن زنت فاجلدوها، ثم إن زنت فاجلدوها، ثم إن زنت فبيعوها ولو بضفير).

قال ابن شهاب: لا أدري في الثالثة أو الرابعة، والضفير: الحبل].

أورد أبو داود هذه الترجمة وهي: [باب في الأمة تزني ولم تحصن]، والأمة: هي المملوكة، وذكر الإحصان في قوله: (لم تحصن)؛ لأن الأحاديث جاءت في التنصيص على عدم الإحصان، ولا يعني ذكر عدم الإحصان أن الحكم يختلف في المحصن وغير المحصن، بل الحكم واحد في جميع الإماء، وهو الجلد وليس الرجم؛ لأنه هو الذي يتنصف، وقد جاءت السنة في بيان حد الأمة إذا زنت ولم تحصن، وهو الجلد، وجاء في القرآن حدها إذا أحصنت، قال تعالى: {فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} [النساء:25]، فقد جاء بيان التنصيف في حق من أحصنت في القرآن، وجاء بيان الحد في التي لم تحصن في السنة، فيكون حكم الإماء واحداً وهو الجلد بالتنصيف، فإذا كان قذفاً فيكون الحد أربعين، أي: نصف الثمانين، وإذا كان زنا سواء كانت بكراً أو ثيباً فحدها خمسون جلدة؛ لأن الجلد هو الذي ينصف أما الرجم فلا ينصف.

وقد أورد أبو داود حديث أبي هريرة وزيد بن خالد الجهني رضي الله عنهما (أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الأمة إذا زنت ولم تحصن؟) فالسؤال جاء بهذه الطريقة: إذا زنت الأمة ولم تحصن، فما حكمها؟ قال: [(إن زنت فاجلدوها)].

ومعلوم أن الجلد في حق الأحرار في الزنا مائة جلدة، إذاً الجلد في حق العبيد يكون خمسين، سواء كان الزاني ذكراً أو أنثى، وسواء كان محصناً أو غير محصن، والتنصيف جاء ذكره في القرآن.

قوله: [(إن زنت فاجلدوها، ثم إن زنت فاجلدوها، ثم إن زنت فاجلدوها، ثم إن زنت فبيعوها ولو بضفير)].

أي: أنه يكرر عليها الحد، وإذا زنت بعد ذلك فإنه يتخلص منها بالبيع ولو بأبخس الأثمان، ولهذا قال له: (ولو بضفير)، والضفير: هو الحبل، وفي بعض الروايات: (ولو بحبل من شعر)، وهذا فيه بيان التخلص منها ولو بثمن بخس.

وإنما جاءت الشريعة ببيعها لأن تغيير المحل يمكن أن يتغير معه الحال، فقد تذهب إلى سيد جديد يحقق رغبتها ويقضي شهوتها، أو يزوجها بمن يحقق لها ذلك، فربما أن السيد الأول ما زوجها، أو أنه ما حقق لها رغبتها بالاستمتاع بها، فقد تضطر إلى الزنا، ولكنها إذا انتقلت من ملك إلى ملك، وانتقلت من محل إلى محل فقد يتغير الحال بتغير المحل؛ لأنها قد تجد سيداً متمكناً من تحقيق رغبتها إما بنفسه أو بغيره بأن يزوجها بمن يحقق لها الرغبة.

وأيضاً: تغير المحل قد يحصل معه تغير الحال من حال الحاجة إلى حال عدم الحاجة؛ بسبب ما تحصله عند السيد الجديد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015