شرح حديث أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأقر عنده أنه زنى بامرأة سماها له)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب إذا أقر الرجل بالزنا ولم تقر المرأة.

حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا طلق بن غنام حدثنا عبد السلام بن حفص حدثنا أبو حازم عن سهل بن سعد رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم: (أن رجلاً أتاه فأقر عنده أنه زنى بامرأة سماها له، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المرأة فسألها عن ذلك، فأنكرت أن تكون زنت، فجلده الحد وتركها)].

قوله: [باب إذا أقر الرجل بالزنا ولم تقر المرأة]، أي: ما حكم ذلك؟ ومعلوم أن الرجل إذا أقر بالزنا فإنه يؤاخذ بإقراره، وأما المرأة التي زعم أنه زنى بها فلا تؤاخذ بإقراره؛ لأن هذه دعوى منه عليها، ولا يعول على تلك الدعوى إلا إذا أقرت أو وجد شهود أربعة يشهدون بذلك، فتكون البينة قامت عليها، وقد أورد أبو داود حديث سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه [(أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأقر عنده أنه زنى بامرأة سماها له، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المرأة فسألها عن ذلك فأنكرت أن تكون زنت فجلده الحد وتركها)].

فهذا رجل جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم واعترف بأنه زنى بامرأة وسماها، فأرسل إليها فأنكرت، فجلده الحد وتركها؛ لأنها ما ثبت عليها زنا لا بإقرار ولا بشهادة، وعلى هذا فتكون دعوى الزاني بأنه زنى بامرأة معينة غير مقبولة، ولا يقبل اتهامه لها، ولا يثبت عليها ذلك إلا إذا اعترفت أو شهد الشهود، ولهذا أقام النبي صلى الله عليه وسلم عليه الحد وتركها، فلم يقم عليها الحد؛ لأنه لم يثبت عليها الزنا، وأما هو فقد ثبت عليه الزنا بإقراره فأخذ بذلك وعوقب عليه.

وقد سبق فيما يتعلق بقصة العسيف ما يدل على ذلك؛ لأنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: (إن ابني كان عسيفاً على هذا فزنى بامرأته)، فحكم عليه بجلد مائة وتغريب عام، وأما هي فلم يعتبر ذلك الشيء الذي نسب إليها، وإنما أرسل أنيساً الأسلمي ليسألها عما نسب إليها، فإن اعترفت أقام عليها الحد، فذهب إليها فأقرت، فرجمها، حيث قال: (واغد يا أنيس! إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها)، إذاً: مجرد حصول التهمة من شخص لامرأة لا يثبت عليها ذلك إلا بحصول البينة أو الإقرار منها.

وأما مسألة أنه قذفها فهل يقام عليه حد؟ نعم هو قذفها، فإذا طلبت فإنه يقام عليه حد القذف مع حد الزنا، وإن لم تطالب فإنه لا يقام عليه شيء؛ لأنهذا حق لها.

ويعتبر حد الزنا شيئاً وحد القذف شيئاً آخر، وكل واحد مستقل فلا يدخل واحد في الآخر، فلو أن إنساناً زنى وهو بكر وقذف امرأة ووجب عليه حدان، فلا يقال: إنه يجلد مائة وتغني عن الثمانين، وإنما هذه مستقلة وهذه مستقلة.

وهل يندب لمن أقر بالزنا ذكر من زنى بها أو الستر عليها؟

صلى الله عليه وسلم لا يندب له ذلك، ولكنه إذا سئل يجيب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015