قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا مسدد حدثنا عبد الواحد بن زياد عن الأعمش عن عبد الله بن مرة عن البراء بن عازب قال: (مروا على رسول الله صلى الله عليه وسلم بيهودي قد حمم وجهه وهو يطاف به فناشدهم: ما حد الزاني في كتابهم؟ قال: فأحالوه على رجل منهم فنشده النبي صلى الله عليه وسلم: ما حد الزاني في كتابكم؟ فقال: الرجم، ولكن ظهر الزنا في أشرافنا فكرهنا أن يترك الشريف ويقام على من دونه فوضعنا هذا عنا، فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجم ثم قال: اللهم إني أول من أحيا ما أماتوا من كتابك)].
أورد أبو داود حديث البراء بن عازب رضي الله تعالى عنهما: أنهم مروا على النبي صلى الله عليه وسلم -أي: اليهود- برجل يطاف به -يعني: أنه على حمار- وقد حمم، يعني: سود وجهه بالفحم وهذا يعتبرونه فضيحة وخزياً، وأن هذه هي العقوبة، وقد مر في حديث ابن عمر أنهم قالوا: (نفضحهم ويجلدون)، وكونه يركب على حمار ويكون وجهه إلى مؤخر الحمار ويسود وجهه بالفحم، فهذا هو الفضح عندهم، وهذه هي العقوبة التي أتوا بها، فالرسول صلى الله عليه وسلم ناشدهم.
قوله: [(فناشدهم: ما حد الزنا في كتابهم؟)].
يعني: في التوراة، فالكتاب هو التوراة التي أنزلت على موسى عليه الصلاة والسلام، فذكروا أنه الرجم، ولكنه ظهر الزنا في أشرافهم فتركوا إقامة الحد عليهم، ثم رأوا أنه يسوى بين الشريف والوضيع، وذلك بأن يتفقوا على طريقة وهي أنه يفضح ويجلد ويركب على حمار ويكون وجهه مما يلي مؤخرة الحمار، فهذا الشيء الذي تواطئوا عليه وغيروا به حكم الله، والسبب في ذلك كما جاء في هذا الحديث أن الزنا وقع في أشرافهم، وأن الحد لم يقم على الأشراف، فرأوا أن الحكم يغير ويبدل من الرجم إلى الفضيحة والجلد، وبالكيفية التي جاءت في بعض هذه الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قوله: [(فوضعنا هذا عنا)].
فوضعنا هذا عنا الذي هو الرجم، يعني: وضعوه عن الشريف والوضيع؛ لأنهم ما دام أنهم تركوه في حق الشريف فأرادوا أن يتركوه في حق الوضيع وفي حق غير الشريف فيسوى بين الناس.
قوله: [(فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجم)] الذي هو حكم الله عز وجل، والذي جاء في شريعة نبينا محمد عليه الصلاة والسلام، وهو أيضاً موجود في شريعة موسى كما هو موجود في التوراة.
قوله: [(ثم قال: اللهم إني أول من أحيا ما أماتوا من كتابك)].
الكتاب المقصود به التوراة التي كان فيها الرجم، وهم أماتوه بمعنى أنهم تركوه وبدلوه بما سموه فضيحة وجلداً.