قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا علي بن نصر حدثنا وهب بن جرير حدثنا الأسود بن شيبان حدثنا خالد بن سمير قال: قدم علينا عبد الله بن رباح الأنصاري من المدينة وكانت الأنصار تفقهه، فحدثنا قال: حدثني أبو قتادة الأنصاري رضي الله عنه فارس رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم جيش الأمراء -بهذه القصة-، قال: فلم توقظنا إلا الشمس طالعة، فقمنا وهلين لصلاتنا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: رويداً رويداً.
حتى إذا تعالت الشمس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كان منكم يركع ركعتي الفجر فليركعهما.
فقام من كان يركعهما ومن لم يكن يركعهما فركعهما، ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينادى بالصلاة فنودي بها، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بنا، فلما انصرف قال: ألا إنا نحمد الله أنا لم نكن في شيء من أمور الدنيا يشغلنا عن صلاتنا، ولكن أرواحنا كانت بيد الله عز وجل، فأرسلها أنى شاء، فمن أدرك منكم صلاة الغداة من غد صالحاً فليقض معها مثلها)].
أورد أبو داود رحمه الله حديث أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه من طريق أخرى، وفيه: [(بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم جيش الأمراء)]، وجيش الأمراء هو الجيش الذي ذهب في غزوة مؤتة، وسمي جيش الأمراء لأن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر الأمراء وهم: زيد بن حارثة، وجعفر بن أبي طالب، وعبد الله بن رواحة، وكلهم استشهدوا رضي الله عنهم وأرضاهم، وعند ذلك أخذ الراية خالد بن الوليد، فقيل له: جيش الأمراء.
والنبي صلى الله عليه وسلم لم يذهب في ذلك الجيش، وإنما بعثه.
وهذا الحديث فيه أمور مشكلة، منها: ذكر جيش الأمراء، وأن النبي صلى الله عليه وسلم كان فيه ولم يكن فيه، ومنها التخيير بين أن يركعوا ركعتي الفجر، ومنها: ما جاء في آخره من أنه إذا جاء من الغد يصلون معها مثلها.
فهذه مخالفة لما جاءت في الروايات الأخرى.
ولهذا قيل: إن الحديث شاذ.
أو: إن فيه وهناً بسبب بعض رواته، وهو الذي يروي عن عبد الله بن رباح، وهو خالد بن سمير الذي ذكر هذه الأمور الثلاثة، مع أن غيره لم يذكرها من الذين رووا عن أبي قتادة هذه الأمور.
فقالوا: إن هذه من أوهامه، وإن هذا خطأ حصل منه لم يكن عند غيره في هذه الرواية، بل الرواة الآخرون ما جاء عنهم ذلك، فتكون هذه الأمور الثلاثة خطأ، والشيخ الألباني قال: إن الحديث شاذ؛ لما فيه من المخالفات، فهو إما أن يكون شاذاً على اعتبار أنه ثقة خالف الثقات، أو أن فيه ضعفاً بسبب أن أحد رواته -وهو خالد بن سمير يهم-، ويكون هذا من أوهامه ومن أخطائه.
وقوله: [قدم علينا عبد الله بن رباح الأنصاري من المدينة وكانت الأنصار تفقهه].
أي: تصفه بالفقه.
[(فقمنا وهلين)].
يعني: فزعين؛ لأن الشمس طلعت وهم لم يصلوا الفجر.
قوله: [(فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (رويداً رويداً)].
يعني: أمرهم بأن يمشوا شيئاً فشيئاً.
قوله: [(حتى إذا تعالت الشمس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من كان منكم يركع ركعتي الفجر فليركعهما)].
ومعنى هذا أن هناك تخييراً في ركعتي الفجر، والنبي صلى الله عليه وسلم ما كان يترك ركعتي الفجر في حضر ولا في سفر، وإنما كان يداوم على ركعتي الفجر وعلى الوتر.
قوله: [(ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينادى بالصلاة فنودي بها)].
هذا فيه ذكر الأذان، وهو مثل ما جاء في الأحاديث الأخرى عن أبي قتادة.
قوله: [(ولكن أرواحنا كانت بيد الله عز وجل فأرسلها أنى شاء)].
يعني أن الله توفاها حيث شاء، ثم أرسلها في الوقت الذي شاء الله أن تعود فيه.
قوله: [(فمن أدرك منكم صلاة الغداة من غد صالحاً فليقض معها مثلها)].
يعني أنه يصلي الفجر ويصلي معها الفجر مرة أخرى عن هذا اليوم، لكن هذا مثل ما ذكرت في قوله: [(ومن الغد للوقت)] أي: ليس المقصود منه أنه يأتي بالصلاة مرتين، وإنما معناه أن الوقت مستقر، وأنه يحافظ على الصلاة في وقتها، وأنها من الغد تصلى في وقتها، لا أنه يقضي مثلها.
فالذي جاء في هذا الحديث فيه توضيح بأن الذي يؤتى به من الغد في الوقت إنما هو صلاة مقضية بالإضافة إلى الصلاة المؤداة، وتكون الصلاة فعلت مرتين، مرة عند الاستيقاظ من النوم، ومرة عند أداء الصلاة من الغد، فتكون صلاة الفجر تلك التي نيم عنها فعلت مرتين.
ولكن هذا الذي جاء في هذا الحديث فيه خالد بن سمير، وهو يهم، فتكون هذه الزيادة إما شاذة وإما ضعيفة.
وكذلك ذكر قصة الأمراء، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يكن في جيش الأمراء، وإنما بعثه وبقي الرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة، وكذلك التخيير بين ركعتي الفجر، مع أن ركعتي الفجر من آكد الرواتب، والنبي صلى الله عليه وسلم ما كان يتركهما في حضر ولا في سفر، وكذلك الوتر.