شرح حديث (خذوا عني خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلاً)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن عن حطان بن عبد الله الرقاشي عن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (خذوا عني! خذوا عني! قد جعل الله لهن سبيلاً، الثيب بالثيب جلد مائة ورمي بالحجارة، والبكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة)].

أورد أبو داود حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، وفيه بيان تفسير السنة للقرآن حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: (خذوا عني! خذوا عني! قد جعل الله لهن سبيلاً)، يفسر قول الله عز وجل: ((حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا)).

قوله: [(خذوا عني خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلاً، الثيب بالثيب جلد مائة والرجم بالحجارة، والبكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام)] معناه: أن الجلد يكون للجميع، فمن كان بكراً ومن كان ثيباً فإنه يجلد إلا أن الثيب يضاف إليه الرجم، والبكر يضاف إليه التغريب لمدة سنة، وهذا الذي جاء في حديث عبادة رضي الله عنه فيه زيادة التغريب على ما جاء في القرآن في حق الأبكار؛ لأن الذي جاء في القرآن: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} [النور:2]، وجاءت السنة بإضافة التغريب لمدة سنة.

وجاء في هذا الحديث -حديث عبادة بن الصامت - أن الرجم يضاف إليه جلد مائة جلدة.

وقد اختلف العلماء في جلد الثيب مع الرجم، والرجم متفق عليه ولم يخالف فيه إلا بعض الخوارج، وخلافهم لا عبرة به، وكذلك سيأتي أن عمر رضي الله عنه قال: أخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل: لا نجد الرجم في كتاب الله، وقد حصل هذا الذي خشيه عمر، فقد وجد في الخوارج من يقول بذلك، وقال: إن الرجم ليس في كتاب الله فأنكروه.

وإنما اختلف العلماء في الثيب هل يجلد مع الرجم أو أنه يكتفى بالرجم؟ فمن العلماء من ذهب إلى ما جاء في حديث عبادة من الجمع بينهما بأنه يجلد أولاً ثم يأتي بعد ذلك الرجم.

ومنهم من قال: إنه يرجم فقط بدون جلد؛ وذلك لأنه جاءت أحاديث كثيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم فيها الرجم بدون جلد، كما جاء في آية الرجم، وجاء في قصة العسيف في قول النبي صلى الله عليه وسلم: (اغد يا أنيس! إلى امرأة هذا، فإن اعترفت فارجمها)، وكذلك فعله حيث أمر برجم ماعز والغامدية، فبعض أهل العلم أخذ بهذا، وبعضهم أخذ بهذا، والحقيقة المسألة مشكلة، ولهذا لما ذكر صاحب سبل السلام الصنعاني رحمه الله هذه المسألة مال إلى أحد القولين ثم رجع عنه وقال: إني أتوقف حتى يفتح الله وهو خير الفاتحين.

قوله: (الثيب بالثيب)، ليس المقصود من ذلك أنه لا يكون الحد إلا إذا كان ثيباً مع ثيب، وإنما المقصود أن الثيب يرجم سواءً كان زناه بثيب أو ببكر، وكذلك المرأة إذا كانت ثيبة لا ينظر إلى الرجل الذي زنى بها أهو بكر أم ثيب، فمع أنه ذكر الثيب مع الثيب والبكر مع البكر إلا أنه لو زنى بكر بثيب أو ثيب ببكر فإن من كان محصناً يرجم سواءً كان رجلاً أو امرأة، ومن كان بكراً فإنه يجلد مائة ويغرب سنة.

فإذاً: قوله: (الثيب بالثيب والبكر بالبكر)، لا يكون خاصاً فيما إذا كان بين بكرين وبين ثيبين بل الرجم مناط بالثيب سواءً كان مع ثيب أو بكر، وكذلك البكر الجلد مناط به مع التغريب، سواءً كان مع بكر أو ثيب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015